السعودية وإيران .. مستقبلنا حالك
فايز الفايز
17-01-2016 02:30 AM
هذا الأسبوع تكون إيران قد فازت بجائزتها بعد تحولات السياسة الأمريكية، برصيد سياسي وعسكري ومالي لم تكن تحلم به أي دولة في الشرق الأوسط، في المقابل يكون الملك سلمان بن عبدالعزيز قد أتم عامه الأول ملكا للسعودية فيما جناحاه القويان ولي العهد وزير الداخلية محمد بن نايف وولي ولي العهد وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان لا زالا يشكلان مع الملك درعا أمنيا وعسكريا قويا في مواجهة الأخطار والتحديات التي تهدد السعودية والخليج خارجيا وداخليا، ويأتي التهديد نتيجة وضعها السياسي القوي على الساحة العالمية كقائدة للعالم الإسلامي،وهذا ما جعلها منذ قيام نظام الجمهورية الإيرانية التي يحكمها زعماء دين طائفيون، محط تحدٍ وتآمر من قبل العديد من القيادات الإيرانية التي تعتقد بأن «العنصر الشيعي» هو جنس مقدس، تماما كما يعتقد اليهود الصهاينة بعنصرهم، أو اعتقاد قادة الرايخ الألماني بقداسة العنصر الآري.
في مقال سابق،قلت أن السعودية يجب أن تبقى قوية بتكامل سياسي اجتماعي اقتصادي عسكري، فهي لا تزال الزاوية العربية والإسلامية الأكبر والأقوى، وهذا لا يقع في باب المجاملات والنفاق السياسي،بل هو من واقع الحال العربي المتردي، بعد خمسة عشر عاما على سقوط أول نظام عربي في العراق واستباحة أرضه ودولته،ما جعله أصلا ومصدرا لوقوع الكوارث المتتالية،وبعد خمس سنوات على بداية سقوط الأنظمة العربية الأخرى، في تونس وليبيا ومصر واليمن، ثم اليوم حالة النزاع الأخير للدولة السورية، التي ظهرت فيها صراعات الدول الإقليمية جليّة وعلى رأسها إيران ضد الكينونة العربية.
إن الفرق بين السعودية كدولة عربية وإيران كدولة فارسية لا يخفى على أحد ممن لا ينحازون مع كراهيتهم، فالسعودية دولة لها خصائصها التاريخية والاجتماعية والسياسية وكذلك هي دولة منفتحة على العالم وتحالفها التاريخي مع الدولتين العظميين بريطانيا والولايات المتحدة، عدا عن انفتاحها على بقية دول العالم من أوروبا حتى شرق آسيا ،عن طريق التبادل الثقافي والاقتصادي المحاط بالعلاقة السياسية، ولم تحاول أن تربي لها أنظمة خليلة أو جماعات ومليشيات عسكرية وأحزاب معارضة في الدول الأخرى، فيما إيران ومنذ قيام ثورتها أعلنت نيتها لتصدير مفاهيمها وسياستها الى الخارج، واستهدفت أول ما استهدفت جيرانها دول الخليج العربي،وحرضت العرب الشيعة على الانسلاخ عن قوميتهم العربية لصالح ولاية الفقيه الإيراني، ما يجعلها اليوم الخطر الأكبر بعد رفع العقوبات.
لم تكن إيران ما بعد الشاه تلك الدولة العصرية التي كان ينتظرها العالم المتحرر والمتنور،فمنذ قامت الثورة على الشاه محمد رضى بهلوي عام 1979 خرجت على العالم برأس» الحسين»وقدمت «قمّ» كمدينة إلهية مقدسة، وأعلنت أنها دولة الطائفة الأولى في التاريخ الحديث، وألغت كل ما يتعلق بالآخر من غير العنصر الشيعي الصفوي، حتى الشيعة العرب والمتحضرين منهم حاربتهم واغتالت زعاماتهم، وهدمت مساجد السنة زمن الشاهنشاهية وحولتها الى مساجد للشيعة،ومنعت السنة من إقامة صلاتهم حتى اليوم، وذكّت الصراع الطائفي في إفغانستان وباكستان، وطاردت أهل الأحواز العرب وقتّلت شبابهم وزعاماتهم حتى اليوم.
من هنا فإن مخاوف السعودية وقطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران لا علاقة له بمن يؤمن بالله أكثر، بل بتاريخ من العلاقات المضطربة والمشوهة وغير السوية التي كانت تعتمدها ولا تزال طهران، فهي رفعت ولا تزال شعارات زائفة للترويج لمذهبها السياسي الخبيث الذي يخدم مذهبها،كالموت لأمريكا وإسرائيل، وتمجيد القدس وتحريض الأقليات في بلاد العرب، فيما تفيد المعلومات السرية عمق التعاون السرّي بين تل أبيب وطهران،مباشرة أوعبر عواصم دول أخرى، لعل من أهمها تقاسم مهمات الإغتيالات لكبار العلماء والقادة العراقيين عقب إحتلال العراق 2003 وتقاسم العراق بالسماح للإسرائيليين التعامل والتعاون مع قيادة إقليم كوردستان العراق. المملكة العربية السعودية اليوم بحاجة الى الدعم الكامل من الدول العربية وعلى السعوديين أن يعيدوا هيكلة العلاقات الإقليمية والعربية لإحياء منظومة الدفاع العربي المشترك من خلال تعظيم العلاقات بين الرياض والدول العربية المجاورة ومنها الأردن ومصر فضلا عن الدول الخليجية، لخلق بناء سياسي عسكري اقتصادي أمنيّ عميق وقوي جدا، لكي نضمن عدم إلتفاف الرأس الإيراني مجددا حول العنق العربي بعدما التف الذنب على دول عربية لم نكن نتخيل أنها ستسقط في الشرك، فالحروب لن تنهي المشاكل بل التضامن والتعاضد هو الرهان الوحيد للمواجهة.
الراي