كوريا الشماليه احتلت المرتبه الاولى في العالم في عدد المنتحرين فيها ،والهاربين منها، والمعتقلين في سجونها ، والاعدامات ، وتجارة البشر، بسبب صمت المجتمع الدولي وتقاعسه ، عن نجدة الشعب الكوري الشمالي ،تماما كما هو حال الشعب الفلسطيني المناضل منذ قرن

................

عمون – محمد مناور العبادي * - ازدادت حالات الانتحار،وعمليات الهروب الفردي والجماعي ، من كوريا الشماليه، منذ تولي الزعيم الكوري كيم جونغ اون مقاليد الحكم في البلاد عام 2012 حتى اليوم ، حيث احتلت بلاده المرتبه الثانيه عالميا في معدلات الانتحار ، كما انها الوحيده في العالم ، التي تمارس رسميا تجارة البشر ، فضلا عن انها اكثر دول العالم التي يضطر مواطنوها للهروب منها، رغم عدم وجود مبررات حربيه او قتاليه على اراضيها . كما تعتبر كوريا الشماليه الدولة الاولى في العالم في عدد معتقلي الراي فيها ، وفي عدد حالات الاعدام التي تنفذها .

المنتحرون :

اعلنت منظمة الصحة العالمية أن عشرة الاف مواطن كوري شمالي يقضون على حياتهم سنوياً، وارجعت المنظمة ذلك ،إلى انتهاكات النظام الحاكم لحقوق الإنسان ، والمصاعب الإقتصادية ،والمعاناة اليوميه القاسيه ، والتي اضطرت عائلات بكاملها للانتحار، للتخلص من مشكلات الحياه ، خاصة وان النظام القائم يطبق العقوبات الجماعيه على حميع افراد الاسرة ، اذا اخطأ احد من افرادها.

ولم يكن المنتحرون من الفقراء فقط ، بل ان عددا منهم من الاطباء، والعاملين في الخارج ، ممن شعرا بان الموت افضل من حياة الذل والاستعباد في العمل ، خارج الوطن في اقسى الظروف وباقل الرواتب .

تجارةالبشر:

تحتل كوريا الشماليه المرتبه الاولى بين دول العالم التي تقوم رسميا بتجارة البشر ، بل انها الدولة الوحيده في العالم ، التي تمارس هذه التجاره اللاشرعيه وغير الانسانيه . اذ ان الحكومه ابرمت عن طريق شركات القطاع العام التابعة لها، عقود عمل لقرابة مائة الف مواطن كوري، ليعملوا في اكثرمن اربعين دولة في العالم، في ظروف عمل قاسيه ،وبرواتب زهيده، تدفع لهم بالعملات الصعبه ، ليحولوا ، اكثر من نصفها او تسعين بالمائه منها احيانا ، الى صندوق خاص ، يشرف عليه الحزب الحاكم، بحجة تحويلها الى عملات محليه، وارسالها الى اسرهم . لكنه عمليا يقتطع قسما كبيرا منها لصالح الحزب .وبهذه الالية يتم سنويا تحويل اكثرمن ثلاثة مليارات دولارمن اجورهؤلاء العمال ، الى مكتب الزعيم الكوري كيم جونغ اون ،الامين العام للحزب الحاكم ،لانفاقها على تجاربه النوويه ، واسلجته البالستيه، ورفاهيته ،وشراء ذمم المسؤؤوليين الموالين له، وتقديم المزيد من الامتيازات لهم .

ويواجه العمال الكوريون في الخارج، تهديدات من الحكومة للانتقام منهم، أو أقاربهم في كوريا الشمالية، إذا اقاموا علاقات صداقه مع اخرين من غير الكوريين، او حاولوا الهرب، او تحدثوا للاعلام ، عن ظروف عملهم ، او الحياه في كوريا الشماليه ، وذلك لتضمن السلطات تدفق المليارات على خزينة الحزب الحاكم على حساب جوع وعرق وامن ومستقبل ورفاهية الشعب .

الهروب من الوطن :

تؤكد الاحصاءات الدولية ان كوريا الشماليه تعتبر في طليعة دول العالم التي لاتعيش حربا حقيقية او عمليات ارهابيه ، في عدد ونسبة الهاربين منها، الى دول الجوار وقد تكون الاولى ، وذلك بسبب قساوة الحياه ، وقمع الحريات ، والرعب من النظام ، والخوف من الزج بهم وباسرهم في السجون لاسباب واهية . اذ بلغ مجموع عدد الهاربين الى كوريا الجنوبيه وحدها قرابة ثلاثين الفا ، بينهم شخصيات كانت في الدائرة الضيقه ، حول الزعيم الكوري، او ضباطا كبار في الجيش والامن او مسؤوليين في الحزب الحاكم ،او دبلوماسيين وصحفيين وكتاب ..

الاعدامات :

تحتل كوريا الشماليه المرتبه الاولى في العالم في عددالاعدامات التي تنفذها ، اذ ان تهمة الخيانة العظمى وعقوبتها الاعدام مسلطة على كل من يشكك بقرار حكومي ، او يقوم بتصرف عفوي قد يفهم منه عدم احترامه للنظام الحاكم . اذ يتعرض لعقوبة الاعدام كل من يعارض سياسات الدولة ، او يستمع لاذاعه خارجيه، او يقوم باي عمل يمكن ان تراه الدولة مسيئا للنظام الكوري، اوشخصية الزعيم، حتى لو استخدم مواطن كوري عفويا ، صحيفة عليها صورة الزعيم في اعمال التنظيف، او القى بها في القمامه، فانه يعتبر خائنا للوطن ،وقد يدفع حياته ثمنا لذلك .

وشملت الاعدام التي تتم احيانا بطرق مستهجنه ، وهي الاولى من نوعها في العالم، وتقترب من اساليب داعش في الاعدام، اقرباء الرئيس ،وافراد اسرته ، ووزرائه، وقادة الجيش ، حيث اعدم خلال السنوات الثلاث الماضيه وحدها 70 من كبار المسؤوليين.

التعذيب والاعتقالات :

تؤشر الارقام الاحصائيه التي اعدتها المنظمة الدولية و هيئات متخصصه بمتابعة مايحري في كوريا الشماليه الى حجم المأاساه التي يعاني منها الشعب هناك كما يلي :

- توفي المئات جراء التعذيب في معسكرات الاعتقال ، التي تضم اكثر من مائتي الف شابه وفتاه، جراء عمليات التعذيب التي يتعرضون لها والتي نتعتبر فريدة من نوعها في التاريخ ، واضطر معها بعض السجناء الى اكل الفئران ، التي تسرح وتمرح في المعتقل, بسبب حرمانهم من الطعام . كما يتم اجهاض الحوامل ، او اجبارهن على وضع راس الوليد في الماء لحظة ولادته ،حتى يموت غرقا ، فضلا عن عمليات الاغتصاب ، والتعذيب بالاسلاك الكهربائيه والضرب

-وبعد :

نتيجة لهذا الفشل الدولي، ازدادت ممارسات النظام الكوري الشمالي عنفا تجاه شعبه ، فتضاعفت عمليات الانتحار،والهروب من الوطن، والتعذيب في السجون ، وتجارة البشر ، بل وتمادت كوريا الشمليه في تحدي المجتمع الدولي، باجراء المزيد من التجارب النووية والصاروخيه ، في الوقت الذي يعاني شعبها الصبور والذكي والخلاق ،من الجوع والمرض والفقر والعبوديه والانتهاكات اليومية لحقوقه الاساسية ، وتبذير موارد البلاد الماليه ، وطاقات شبابه العلميه، في انتاج الاسلحه النووية والصاروخيه ، بدلا من تكريسها لتحقيق تنمية اقتصاديه ، ترفع مستوى حياة الشعب ، وتوفر لابنائه فرص حياة حرة كريمه تليق بالبشر .

هكذا تدفع البشريه ، والشعوب الضعيفه، ثمن تقاعس المجتمع الدولي ، عن نجدتها ،رغم ان قادة العالم كله يغردون ليل نهار، قائلين اننا في عالم واحد ،وان الحياه الحره الكريمه، حق لك البشر . لكن الواقع يقول عكس ذلك تماما واسالوا شعب فلسطين الصامد والمناضل منذ قرابة قرن عن ذلك فعنده الجواب اليقين .

• باحث وصحفي ،