نشأت حلبي وحرب الصهاينة ضد فلسطينيي 48ياسر زعاتره
16-01-2016 02:37 AM
كعادته في بيع الوقاحة لإقناع الشارع الإسرائيلي بأنه المدافع الأشرس عن أمنه ومصالحه، لم يترك نتنياهو عملية تل أبيب التي نفذها نشأت حلبي، وهو شاب من فلسطينيي 48 تمر بهدوء، فشن حملة على هذه الفئة، عنوانها تخييرهم بأن يكونوا “دولة داخل الدولة”، بحسب تعبيره، أو أن يكونوا إسرائيليين، فيما كان قبل شهور قد قال لهم بكل وقاحة: “أقول ببساطة لكل من يتظاهرون ويطلقون صيحات الاستنكار ضد إسرائيل، ويدعمون إقامة دولة فلسطينية: أنتم مدعوون للانتقال إلى هناك.. إلى السلطة الفلسطينية أو إلى غزة”، مضيفا “أعدكم بألا تضع دولة إسرائيل عراقيل في طريقكم”. تأتي الهجمة الصهيونية الجديدة بعد أسابيع من إعلان سلطات الاحتلال إخراج الحركة الإسلامية بقيادة الشيح رائد صلاح من دائرة القانون، ومداهمة مقراتها ومصادرة ممتلكاتها، الأمر الذي يعيد طرح هذه المعضلة المتعلقة بفلسطينيي الأراضي المحتلة عام 48، وما إذا كانوا فلسطينيين ينتمون إلى شعبهم وقضيتهم، أم أنهم مواطنون إسرائيليون يتوجب عليهم دفع استحقاقات هذه المواطنة التي فرضت عليهم بعد الاحتلال؛ قبل أن تغدو مقبولة، وأقله مسكوت عنها بفعل عوامل موضوعية، وبغياب الخيارات الأخرى. نفتح قوسا لنشير هنا إلى ذلك المنطق السقيم الذي خرجت به السلطة الفلسطينية بإخراجها الشهيد حلبي من إحصائيات شهداء انتفاضة الأقصى (تسميها هبّة لأن كلمة انتفاضة تخيفها)؛ ما دفع النشطاء الفلسطينيين إلى تدشين هاشتاج انتشر بقوة في مواقع التواصل هو “الشهيد 150 غصبن عنكم”. ليست هذه المرة الأولى التي يشن نتنياهو ومعسكره هجوما ضد فلسطينيي الأراضي المحتلة عام 48، فهي تتجدد بين حين وآخر حسب تطور الأحداث، لا سيما أنهم متهمون دائما بالوقوف خلف الاحتجاجات في القدس،وأن شبانهم هم الذين يجنّدهم الشيخ رائد صلاح كمرابطين في المسجدالأقصى، ويتولون تبعا لذلك الاشتباك مع المستوطنين الذين يحاولون اقتحامه. لاشيء يستحق الإنكار هنا، فما يفعله رجال الشيخ رائد وعموم جماهيرالشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة عام 48 دفاعا عن المسجد الأقصى يستحق الفخر، وإذا كان نتنياهو يعتقد أن هؤلاء قد خرجوا من إطار شعبهم وقضيته وقضية مقدساته، فهو واهم كل الوهم. وإذا اعتقد أن تحريضه سيؤدي إلى عزوفهم عن الدفاع عن أهلهم ومقدساتهم،فهو واهم أيضا. لا شك أن خطاب منظمة التحرير وتبعا لها السلطة قد أخرج عمليا هذه الفئة من النضال الوطني الفلسطيني، بل لأن رائد صلاح بالنسبة لقادة السلطة ليس سوى خصم سياسي. أليس هو من يرفض دعواتهم لسياحة العرب والمسلمين إلى المسجد الأقصى؟! إنما ينبغي قوله هنا هو أن من الضروري أن يُعاد توصيف الدور الذي يقوم به فلسطينيو الأراضي المحتلة عام 48 في سياق الدفاع عن وطنهم ومقدساتهم، لكن ذلك لا يمكن أن يتم بينما تمارس السلطة التعاون الأمني مع العدو،وتنادي بخطاب سياسي يستبعدهم عمليا من مجموع الشعب الفلسطيني، وما إخراج نشأت حلبي من إحصائية الشهداء سوى دليل على ذلك. إنه خطاب بائس، تنازل عن 78 في المئة من فلسطين، دون أن يحصل على أي شيء عملي، فالاحتلال يصرخ ليل نهار بأن القدس عاصمته، وأنه لا مساومة عليها، بينما لا يتردد زعيم الشعب الفلسطيني في القول إنه لا يريد العودة إلى صفد، وأن أكثر اللاجئين سعيدون حيث هم، هو الذي لم يحصل سوى على منصب مدير مركز شرطة خاضع للاحتلال، وينبغي أن يستأذنه في حله وترحاله. حين يكون الشعب الفلسطيني في الضفة والقطاع في حالة اشتباك شامل مع المحتلين، فلا ينبغي أن يستغرب البعض انخراط شبان من الأراضي المحتلة عام 48 في ذلك الاشتباك بأشكال شتى، وإذا ما تصاعدت الانتفاضة، فإن من الضروري أن يكون لهؤلاء دور أكبر، بصرف النظر عن ردود الفعل الصهيونية عليهم، ولا شك أن دورا أكبر لهم، سيعزز ارتباك العدو، وسيجعل من قدرة الانتفاضة على تحقيق إنجازات كبيرة أمرا واردا إذا ما تمت إدارتها بروحية رفض التفاوض مع العدو، ودحره دون قيد أو شرط.
|
الاسم : * | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : * |
بقي لك 500 حرف
|
رمز التحقق : |
تحديث الرمز
أكتب الرمز :
|
برمجة واستضافة