حول تصاريح العمل لحملة الجوازات المؤقتة
ياسر زعاتره
14-01-2016 02:28 AM
في وقت كان كثيرون يطمحون في أن يكون هناك تطور ما على طريقة التعامل الرسمي مع حملة الجوازات المؤقتة، وتحديدا أبناء قطاع غزة، جاء القرار بفرض تصاريح عمل مع رسومها عليهم ليفتح الجرح من جديد، الأمر الذي لن يجبر تأثيراته النفسيةالإعفاء من الرسوم، بل إن شطبه بشكل كامل لن يفعل في المدى القريب، وإن بقي الأمر ضروريا على كل حال.
والحال أن من العبث مساواة أبناء هذه الفئة التي ولد أكثرهم هنا في الأردن، ولا يعرفون بلدا سواه، ويغترب بعضهم ويعودون ليضعوا شقاء أعمارهم فيه.. من العبث مساواتهم وأبناءهم بالوافدين الذي يأتون فقط لأجل العمل، ويحوّلون ما يجنونه لذويهم في ديار أخرى.
في أوروبا، يتساوى حامل الإقامة الدائمة مع المواطن في كل الامتيازات بلا استثناء؛ ما عدا جواز السفر والمشاركة في الانتخابات، مع أن سنوات معدودة (من 3 إلى 5 حسب البلد) تكون كافية للحصول على الامتيازات الأخيرة.
لا نطالب بقانون كهذا بكل حثيثاته، لكن منطق مساواة الفئة التي أشرنا إليها بالوافدين الآخرين، لا يمكن أن يكون مقبولا، مع الاحترام لكل الوافدين ما داموا يحترمون القوانين، ولا يتغير الموقف كثيرا بالإعفاء من الرسوم.
إننا نتحدث عن فئة تشكل جزءا من النسيج الاجتماعي، وجزءا من منظومة العمل والتنمية، وكانت لها أدوارها المعتبرة على كل صعيد. وإذا كان البعد السياسي للقضية مفهوما نظرا للتعقيدات المتعلقة بالقضية الفلسطينية، أعني البعد المتعلق بالجنسية، فإن القضايا الأخرى المتعلقة بالحقوق المدنية ليست كذلك، وهي تستحق نظرة أخرى، لا يفرضها البعد الأخلاقي والقومي فقط، بل يدعمها البعد المصلحي أيضا؛ كون هذه الفئة بمجموعها جزء لا يتجزأ من منظومة العمل والتنمية، وليست عبئا كما يصوّرها البعض.
الله أعلم كم يفصلنا عن حل القضية الفلسطينية وإزالة الاحتلال، ولو زال لكان الوضع مختلفا تماما بعد اكتشافات الغاز في المتوسط التي تضع فلسطين في مصاف الدول الغنية في المنطقة، فضلا عن عوائد السياحة الضخمة، لكننا نتحدث عن شأن إنساني له صلة بهذه الوضع الراهن، ومن الضروري أن يجري التعامل بروحية الموقف الأخوي والقومي والإنساني قبل أي شيء.
المواقف التي أبداها بعض النواب والفعاليات السياسية في سياق رفض التوجه برمته تستحق الشكر، ونأمل أن يجري نسخ ما جرى بالكامل، بل وإيجاد سبل أفضل للتخفيف عن الشرائح الفقيرة من هذه الفئة في مجالات الصحة والتعليم وسواها من المجالات التي تمسُّ حياتهم بشكل مباشر.
في الجانب السياسي، نحن مع الإصرار على حق العودة، ومع عدم تجاهل أننا إزاء وضع مؤقت في المعادلات السياسية، وكل ذلك في سياق من الحيلولة دون فرض العدو لمخططاته علينا، لكن الجانب المدني والإنساني شيء آخر بكل تأكيد.
عن الدستور