زمان حين كان أحد أفراد العائلة يغادر إلى الخليج للعمل , أو يغادر إلى أوروبا أو أمريكا من أجل الدراسة ..فمن المنطق أن تحتوي الإتصالات الهاتفية معه والرسائل على عبارة :- ( طمنا عنك) ...كنا نخاف على أولادنا في الغربة , ونعتبر سفرهم وابتعادهم عنا ..يحمل نوعا من الخطر .
تغيرت القصة ,الان فكل الذين سافروا للخارج ..أول عبارة يقولونها لحظة الإتصال معهم :- ( كيف الوضع عندكوا طمنونا عنكو) ...لقد صرنا نحن في دائرة الخطر والسفر صار يعني الأمان , لدرجة .. أن أحدهم أمس أخبرني عن ابنه البكر , بأنه حصل على فيزا وألحقها بجملة :- الحمد لله ..كأن السفر لأمريكا صار هروبا من الخطر وبحثا عن الأمان .
أمس وأنا أتابع كلمات النواب , لم يتنبه أحد إلى قصة هروب الشباب الأردني فأسمى أمنية صارت لدى .. جيل العشرينات , هي الحصول على (فيزا) لأمريكا أو عقد عمل في دبي ...
زمان كانت الرواتب شحيحة , كانت الشوارع أصغر وعمان كانت أصغر ومساحات المقاهي , والمطاعم ..كانت صغيرة بالكاد تكفي لعشرين زبونا..كانت ساحات المنازل أصغر ...والقليل من المال , كانت تكفي ...حتى المواقف والملاعب ..حتى القاعات والمقاصف ...كنت أصغر , مع ذلك كانت قلوب الأردنيين واسعة لدرجة تتسع الدنيا ..وكان الحب والفرح والأمن هو وقود القلوب.
الان كل شيء اتسع ..الفنادق والمطاعم , والمباني , حتى السيارات هي الأخرى اتسعت , ومساحات الأراضي ..التي دخلت التنظيم , والشوارع ..ووسائل الإتصالات كل شيء اتسع ...إلأ القلب فقد ضاق ..كثيرا .
لم يتطرق أحد من النواب ...أبدا لقضية هروب الشباب وسفرهم ...هل هو ضيق الأحلام ...والقلوب , أم أن هناك أشياء أخرى ...؟
لعمرك ماضاقت بلاد بأهلها ولكن أحلام الرجال تضيق ...
كان بودي أن يتطرق أحد من النواب إلى أحلامنا , ويسأل الحكومة ..كيف تجرأ الزمن على حلم الأردني ...
عن الرأي