العدالة الاقتصادية مفهوم تلازم مع شيوع اقتصاد السوق، لكن تحرير الاقتصاد لم يكن يعني إهمال الطبقات المهمشة ومسؤولية الدولة كانت على الدوام تأهيل هذه الطبقة عبر التعليم الجيد ومعيار الكفاءة لتحقيق مبدأ تكافؤ الفرص في مقابل نفوذ القادرين.
هكذا فهمت خلاصة الخلوات الاقتصادية التي بدأها الملك بعد وقت قصير على تسلمه سلطاته الدستورية , فلم يكن غريبا أن يبدأ بإصلاح التعليم , وكان العنوان إدخاله عصر الأتمتة والتكنولوجيا قبل أن تخرج بعض الأصوات لتطالب بالمدفأة كأولوية للصفوف المدرسية بدلا عن الكمبيوتر.
النظرة العامة تقول أن صفا مدرسيا مدفأ ضرورة , وقد كان يفترض به أن يكون من المواصفات التقليدية لبناء المدارس , ومن هنا فإن وضعه في مصاف الأولويات لإصلاح التعليم ليس صوابا , لأن إصلاح التعليم شيء مختلف تماما عن مسألة بدهية تتعلق بالبنية التحتية للمدارس.
اليوم عدنا الى المربع الأول وبدأنا نتحدث عن البنية التحتية التي يفترض بها أن تكون قد إنتهت كمعضلة قبل سنوات طويلة , وتأخر إصلاح التعليم المتعلق بالمناهج وأساليب التدريس الحديثة والتخلص من تابوهات مضى عليها الزمن ولم تعد تصلح لمثل هذا الجيل الذي لا يتنافس اليوم في إطار الدولة كجغرافيا بل على مستوى الإقليم والعالم.
إخفاق التعليم كان دائما متلازما مع العدالة الاقتصادية التي ترعى المهمشين في التعليم والوظائف ومستوى الدخل والخدمات لكن وفق إعتبار واحد وهو الكفاءة وهي التي لا يمكن للمواطن أن يتمتع بها دون تأهيل والتأهيل هو إتاحة تعليم جيد, لا يزال النقاش حول إصلاح التعليم فرديا , فالناس تكتب على مواقع التواصل وعلى الأغلب لا يهتم الوزير المعني أو أنه يكتفي ببيان أو تصريح مقتضب.
هناك حاجة لأن تدعو الحكومة الشعب إلى المشاركة في عصف ذهني لتوليد الأفكار والحلول الإبداعية في التعليم الأفضل لأبنائهم باعتباره قضية وطنية رئيسة ومصيرية، تطويره مسؤولية مشتركة بين الشعب والحكومة، تجمع بعدها المساهمات التي يفترض أن تناقش في مؤتمر وطني، من قبل خبراء وممثلين لمؤسسات المجتمع المدني والأهالي للخروج بخطة عابرة للوزراء وللحكومات لتطوير التعليم.
إذا كان تأجيل قررات إصلاح التعليم العالي يواجه بمخاوف أسوة بالإصلاح الاقتصادي والسياسي فاذهبوا الى حوار وطني عام يتعمق في مشاكل التعليم العام والتعليم العالي ويحصل على توافق وطني وآليات قابلة للتنفيذ قبل فوات الفرصة.
الرأي