"باسل يطبخ. جمانة تقرأ الجريدة".
باسل الرفايعة
10-01-2016 09:56 PM
القصة ليست في درس القراءةِ المُذكَّر. حيثُ يغيبُ التأنيثُ حتى عن الشجرة، وعن الغيمة، وعن التاءِ المنقوطةِ بقطرتين من ندى، والمربوطةِ إلى بُكلة في جديلة صغيرة.
القصةُ في بيتي. جمانةُ لا تكتفي بقراءةِ الجريدة. لا بدَّ من ملاحظاتٍ على طبختي: العنوانُ خطأ، وَذلكَ الخبر لا يُخبر ، ولماذا تكتبون قصةً دُونَ خلفياتٍ، وكان يجب أنْ تحرصوا على نشرةٍ يومية عن أسعار الذهب، وعن أفضلِ الكتبِ في الأسواق.
انتهت جمانةُ من تصفُّحِ الجريدة. تتوجهُ إليَّ، وقد نقعتُ الرزَّ، وقليتُ الباذنجانَ، وأتهيأُ لمقلوبةٍ كاملة: العنوان من المقدمة، والتفاصيلُ دقيقة، ولا أخطاء متوقعة في المُكِّونات، فأنا رئيسُ المطبخ المنزليّ، ومن المهم أنَّني اقبلُ النقدَ، وأصغي لأيّ وجهة نظر. لستُ مثلُ أبي، وقد حاججتهُ يوماً، فقال بحسمِ الرجال: لا وجهةَ نظَرٍ لك عندي.
ذَلِكَ أبي. أمَّا أنا الذي يطبخُ، فيما تقرأ جمانةُ الجريدة، فلا شجاعةَ لديَّ لأردَّ على نفوذها في المكان. فالبيتُ بيتها. بيتُ النحلة، وأنا محضُ ذكرٍ عاملٍ في الخليّة. عليَّ أنْ أصوغَ الطينَ، ليكونَ جرَّة عسلٍ، فتمدُّ الملكةُ إصبعها، وتبسطُ علينا الرحيقَ والنعمة..
نادراً ما تطبخُ جمانة. وحينَ تفعل، فعلينا: ناصر وفارس وأنا أنْ نحتملَ الضجيجَ والفوضى في المطبخ، مع كثيرٍ من فنون الدعاية، وأصول التسويق عن ما سيهبطُ في أطباقنا. ثمَّ أنَّ الإعجابَ والتصفيقَ إجباريّان، قبل أنْ نمضغَ اللقمةَ الأولى.
إنه طعامٍ نادرٍ تطهوه سيّدةُ الييت، وهي تتواضعُ لحاشيتها بعشاءٍ، يُشبهُ فولاً أخضرَ، أو مقلوبةَ باذنجان..