استمعت الى تعليقات ونصائح من اصدقاء ومسؤولين حول صحيفة "العرب اليوم" ومن هذه التعليقات ان "العرب اليوم", اصبحت صحيفة صفراء تسعى نحو الاثارة, او انها اصبحت جريدة معارضة لكل شيء, او انها جريدة تمثل وجهة نظر اليسار, او انها صحيفة اقليمية اللون تسعى الى تدمير شخصية او اخرى, حسب اهواء اصحابها ومحرريها.وتراوحت النصائح بين ضرورة بيعها او ايقاف واحد او اكثر من كتابها وتغيير نهجها واسلوب تعاطيها مع الخبر, وبين تحذير من صديق, بان هناك من يدبر عملا كيديا موجها ضدي, شخصيا, للثأر من مواقف بعض كتابها من القضايا العامة. وهو تحذير لم آخذه على محمل الجد.
وفي الرد على كل ذلك, اضع بين يدي القارئ, مجموعة من الحقائق, واترك له الوصول الى استنتاجاته, ولكن مهما كانت هذه الاستنتاجات, فاني لا اقبل ان تصل الى التشكيك بايماني بالله, او انتمائي للاردن, او ولائي المطلق للعرش الهاشمي, او قناعتي بشعب الاردن ووعيه والتفافه حول قيادته, او قناعتي الراسخة بالدستور الاردني ومبادئ الدولة الاردنية وقيمها المستمدة من وحي ثورة العرب الكبرى وانموذجنا الديمقراطي كما حدده الدستور.
وبقدر ما ابغض الاقليمية والطائفية والعنصرية والفئوية والجهوية, فاني اشمئز ممن يلجأ اليها للدفاع عن موقف او ليظهر وكأنه المستضعف, فكل هذا لا يسمح به الهاشميون, ولا يسمح به الاردنيون الانقياء, ولا يسمح به الدستور الاردني.
والحقائق التي اريد التأكيد عليها هي الآتية:
الحقيقة الاولى:
اننا نتبع, في صحيفة "العرب اليوم", المبدأ المهني القائل بالفصل الكامل بين الملكية والتحرير. ويعرف العاملون في "العرب اليوم" انني ملتزم, حرفيا, بهذا المبدأ الذي لا غنى عنه في اي منبر اعلامي ذي مصداقية, ويعلم فريق "العرب اليوم" انني لا اتدخل في شؤون التحرير, تاركا الامر لاصحابه المهنيين.
الحقيقة الثانية:
يعلم جميع العاملين في صحيفة "العرب اليوم", انني حددت خطوطا حمرا لا اسمح لاحد بان يتجاوزها, وهي:
1- الايمان بالله, فلا اسمح بالاساءة للاديان او التعرض لها.
2- الولاء المطلق للعرش الهاشمي وعلى رأسه جلالة الملك عبدالله الثاني المعظم.
3- احترام ابناء الشعب الاردني ووحدتهم الوطنية.
4- الانتماء للاردن, ارضا وسماء, شعبا ودولة.
5- قول الحق والابتعاد عن التجني او شخصنة القضايا او جلد الاردن وانجازاته لغاية الاثارة, او للخروج على القارئ بما يستقطبه او يمتعه على حساب الحقيقة.
6- الدفاع عن مواقف الاردن, وعدم الوقوف موقف المتفرج, عندما يتعرض الاردن لحملات التضليل والتشكيك من قبل اي كان.
7- تعزيز امن الاردن واستقراره, ودعم اجهزتنا العسكرية والامنية, فمن دونها, ومن دون القيادة الهاشمية, لا يمكن ان ننعم بهذا القدر من الحرية والتقدم.
الحقيقة الثالثة
السماح لجميع الاطياف والاتجاهات السياسية, بالتعبير عن رأيها من خلال قناعات كتاب المقالات في "العرب اليوم", وهذا لا يعني انني اتفق مع هؤلاء او اختلف معهم, بل اعتقد, جازما, بانه من حق القارئ الاطلاع الحر على الفكر السياسي الاردني. وانطلق, في ذلك, من قناعتي بان القارئ الاردني ذكي ويعرف كيف يفرق بين اراء هذه الاطياف السياسية المختلفة, ويعرف من لديه من اصحابها الحلول لقضايا الوطن, ومن تذهب به الشطحات او تغريه المزايدة التي لا تنفع في شيء.
الحقيقة الرابعة:
مسؤولية التحرير, بالنسبة لأية صحيفة, تقتصر على ما يكتب فيها. ولا يستطيع اي رئيس تحرير منع اي من كتاب "العرب اليوم" من الكتابة في صحف عربية اخرى او حتى في صحف محلية اخرى او مواقع الكترونية اخبارية, فذلك هو شأنهم. وكما انني لا اتفق مع الكثير مما يكتبه كتاب المقالات في "العرب اليوم" نفسها, فانني اختلف اكثر مع ما يكتبه بعضهم في صحف اخرى واواجههم بهذا بين الحين والآخر, وأناقشهم في مضمون كتاباتهم, وانتقدهم بشدة على بعض المواقف. ولكن هذا شأن شخصي وليس امرا مهنيا.
الحقيقة الخامسة:
عدم استخدام الصحيفة من قبل اي كان لغايات شخصية او لتصفية حسابات مع مسؤولين او للضغط على مسؤول لتحقيق منفعة شخصية او قبول العطايا او الهدايا, ويشهد الجميع لكتاب "العرب اليوم", بنظافة اليد, وبالارتقاء بالخبر والتحليل الاخباري الى مستوى مهني عال.
ومن هذه الحقائق والمنطلقات, تصدر صحيفة "العرب اليوم", وعلى ضوء هذه الحقائق والمنطلقات, وفي ظل المبادئ الوطنية التي حددتها سابقا, يتم تقييم العدد اليومي من الصحيفة. وهذا هو الاساس الوحيد للتقييم, فمصلحة الاردن العليا هي فوق كل الاعتبارات, ولا يسمح كتاب "العرب اليوم" لاحد بأن يستغل اقلامهم لتصفية حسابات مع آخرين, ولا تتدخل الصحيفة في الخلافات التي تنشأ, احيانا, بين مراكز القوى. فهي صحيفة مستقلة اردنية الهوى والهوية والانتماء, وبعيدة كل البعد عن الاجندات الخاصة, تضع نصب عينيها خدمة الاردن, قيادة وشعبا, وتؤيد السياسات او الاجراءات التي تنسجم مع منطلقاتها الوطنية, وتعارض اي قرار لا يكون منسجما مع هذه الحقائق والمبادئ, وتحاول جاهدة ان تحصل على كل المعلومات حتى لا يكون هناك تجن على احد. لكن الاهم هو ان لا يكون هناك تجن على الحقيقة وقول الحق.
هل وصلت صحيفة "العرب اليوم" الى الكمال? لا. فهي تسعى دائما نحو الافضل. واذا توقف هذا السعي فسيكون مصيرها الزوال.
صحيفة "العرب اليوم" هي صحيفة خبر ورأي, فأما الخبر, فان المراسلين والمحررين يعملون جاهدين لكي يكون دقيقا وصادقا ومتفقا مع الحقائق التي يتم جمعها وتحليلها. وفي ادراج محرري "العرب اليوم", العديد من الصفحات التي لم تنشر لأن ما ورد فيها لم يستطع المحررون والمراسلون تدقيقه والتأكد من صحته.
واما الرأي فهو حق لكاتبه, وما نشره على صفحات "العرب اليوم" الا لاطلاع القارئ على وجهات نظر الاطياف السياسية المختلفة. واحد التعليقات واجهتني بالسؤال الآتي: كيف اسمح للكتابة ضد العولمة والانفتاح? بل كيف, وانا "رجل اعمال" - والكلام لصاحب التعليق - أسمح لوجهة نظر يسارية مضادة للخصخصة, بان تعبر عن نفسها على صفحات الجريدة? وجوابي هو, دائما, انني لا اسمح ولا امنع. فهذا ليس شأني. ولكنني لا اسمح, حتما, بتجاوز الخطوط الحمر المقررة في منطلقات التحرير في "العرب اليوم".
وباختصار شديد, صحيفة "العرب اليوم" هي صحيفة اردنية مستقلة ملتزمة بقيم الاردن ومبادئه وبالدستور الاردني ومؤسساته, وتدين, عن قناعة كاملة, بالولاء المطلق للعرش الهاشمي, وتعتز وتفتخر بانتمائها للاردن وطنا وشعبا.
صحيفة "العرب اليوم" هي صحيفة دولة, وليست صحيفة حكومة او شخص. ولن نحيد عن هذا النهج. ومن حقها على اصدقائها ان يصدقوها القول اذا لاحظوا انها ضلت الطريق, حتى تبقى صحيفة الملك والوطن والدولة.
ارتأيت ان اضع هذه الحقائق امام القارئ الكريم. ولا اقصد, في ذلك, التنصل من مسؤولية او الاعتذار عن موقف بل لتوضيح موقف صحيفة "العرب اليوم" امام القارئ الكريم, واترك له الاجابة على السؤال عما اذا كنا, في الاردن, بحاجة الى صحيفة مثل صحيفة "العرب اليوم" ام لا?.0
* رئيس مجلس الادارة
"العرب اليوم"