العطرجهاد جبارة
09-01-2016 09:17 PM
لعلّ الألم الذي اخترَق صدره كان كألم عبور مبضع جرّاح يَشُقُّ لحمَ طفلٍ مُدلّل نسي الأطباء أن يُخدروه,هو الذي أجبرهُ على نَزع الإبتسامة التي رسمها على شفتيه كي لا يُرهِب شقيقه الذي سمحَ له الكادر الطبي أن يرافقه داخل غُرفة الإنعاش,لم ينتبه شقيقه لرحيل الإبتسامة عن وجهه, لأن الزَفْرَة التي أطلقها كانت أعلى من صوت زَعيق الأجهزة التي أوصلوها بالجَسَد العاري والمُغطى بقماشٍ أزرق رقيق...في تلك اللحظة التي راح خلالها الأطباء,ومساعدوهم يتراكضون في الممرات ليصلوا إلى حيث ذلك الجَسد,كان شقيقه يتماسك ليبحث في جيوب قميصه عن ورقة صغيرة مدوّنٌ عليها رقم جوّال "س" الذي كان قد لقّنه إياه وهو يهذي بأنها حبيبته ويوّد أن يراها قبل أن يموت!...أحسّ شقيقهُ بأنه خانه لأنه لم يهاتفها حسب وصيته,لكنه تدارك الأمر على عجل وقام بمهاتفتها,غير أنه صُعق حين سمعها تقول ها أنا سأبعثُ لك بزجاجة عِطري مع السائق لأني مُنشغلة باجتماع مع خُبراء يتعلق بأعمال شركاتي,حينها كان يرى علامات الحزن,واليأس وهي ترتسم على وجوه الأطباء ما أوحى له أن لا فائدة تُرجى,في تلك اللحظة إقتحم رجلٌ غرفة الإنعاش وهو يحمل زجاجة عطرٍ,قَرَبها من أنف صاحب الجسد العاري,والمُغطى بقماش أزرق رقيق,فراح الجسد يتمَلمَل,ثم راحت أجفانه تتحرك,فتَح عينيه,ضحك بصوتٍ عال,ثم صاح فرحا:يا لها من طيبة,وصادقة فهي لا زالت تتذكّر ما كنت أقوله لها "رائحة عِطرك تَرُدُّ لي روحي"!.
|
الاسم : * | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : * |
بقي لك 500 حرف
|
رمز التحقق : |
تحديث الرمز
أكتب الرمز :
|
برمجة واستضافة