طالعنا في الايام الماضية تصريحات "دونالد ترامب" مرشح الحزب الجمهوري لانتخابات الرئاسة الامريكية، والتي دعا فيها الى حظر كامل وكلي لدخول المسلمين الى الولايات المتحدة الامريكية، فيما سارع البيت الابيض بانتقاد هذه التصريحات ووصفها بأنها لا تعبر عن سياسة الولايات المتحدة.
لم تكن تلك اول مرة يصرح فيها "ترامب" بتصريحات مثيرة للجدل، فقد طالب سابقا ببناء سور عظيم بين الولايات المتحدة والمكسيك لمنع دخول المهاجرين، عدا عن دعوته لطرد 11 مليون طالب لجوء من الولايات المتحدة، هذه التصريحات وغيرها اثارت قلقا بالغا لدى الاقليات في الشارع الامريكي، خاصة وانها صدرت لمرشح الحزب الجمهوري الاوفر حظا برئاسة الولايات المتحدة راعية الديمقراطية والحريات كما تدعي.
خلف هذه التصريحات والمطالبات الشاذة، توجد مبررات وحجج وهي محاربة الارهاب وتحديدا "داعش" والتي يتزعمها ابو بكر البغدادي، الذي اعلن انه سيحارب أي مخالف له في عقر بيته، فكانت الاعتداءات الدامية واعنفها اعتداءات باريس الاخيرة، فتوالت الخطابات المعادية للإسلام واطلت "مارين لوبان" زعيمة اليمين المتطرف في فرنسا بتصريحات مسمومة معادية للعرب والمسلمين كذلك، والتي لاقت رواجا وتأييدا لدى شريحة واسعة من المواطنين.
في بدايات ظهور "داعش" على الارض في العراق كان التنظيم يتبع "للقاعدة"، وفي عام 2011 تم اندماج جبهة النصرة تحت لواء "داعش" وسرعان ما تم الانفصال بينهم لاختلاف في الاراء، حتى اعلن البغدادي انه هو الخليفة الاوحد ضاربا بتوجيهات الظواهري عرض الحائط، معتمدا على مناطق نفوذه والواسعة ومصادر تمويله والازدياد في اعداد المنضمين الى تنظيمه، حيث اعتمد على جذب المقاتلين الاجانب الى العراق من خلال اللعب على وتر العاطفة الدينية و التمييز العنصري الذي يواجهونه في المجتمعات الغربية، فأصبحت العلاقة طردية بين الضدين، فكلما زاد التمييز العنصري زاد المنضمون لتنظيم "داعش"، وكلما زادت عمليات "داعش" ازدادت العنصرية ضد المسلمين.
البغدادي يرفض أي طرف يخالفه الرأي وكذلك هو ترامب، فكلاهما لا يقبلان الطرف الاخر بتاتا، بل وصلت بهم لابعد من ذلك وصلت لحد الاقصاء النهائي لا بل وحتى الى القضاء على الطرف الاخر وبطرق وحشية وبشعة، فالبغدادي يصف كل من خالفه بأنه كافر وجب القضاء عليه حتى وان كان من ابناء عقيدته، اما "ترامب" فيصف مخالفيه بأنهم متطرفين وارهابيين ويشكلون خطر على المجتمع.
وحقيقة الامر ان ما يجمع "ترامب" والبغدادي لهو اكبر من الاختلاف الذي بينهما، فاختلافهما في الشكل وليس في المضمون، وان اختلفا في الظاهر فان جوهرهما واحد، فكلاهما لديه نفس التوجه السادي بالتعامل مع الطرف الاخر، وما هما الا وجهان لعملة واحدة وهي التطرف.