النظام الإيراني وضجته الإعلامية المفتعلة ضد السعودية
د. محمد إبراهيم الشقيرات
07-01-2016 11:24 AM
تعد الضجة الإعلامية التي افتعلها النظام الإيراني منذ عدة أيام ضد المملكة العربية السعودية بسبب تنفيذها لحكم الإعدام بحق مجموعة من الإرهابيين الذين عاثوا بالأرض فساداً واقترفوا من الجرائم ما يكفي أن ينالوا بسببها عقابهم الصارم، وجهاً جديداً من وجوه سياسة التحريض التي يتبعها النظام الإيراني في خدمة مشروعه الصفوي الرامي إلى مزيد من التمزيق للأمة العربية، وبالتالي الاستحواذ على مقدراتها وتاريخها وعروبتها، وعلى قراراتها القومية الرامية إلى الحفاظ على هيبتها ومنعتها وقوتها.
يعتمد النظام الإيراني على توجيه مسار سياساته الخارجية عبر أتباعه في المنطقة العربية لخدمة مشروعه الرامي إلى الهيمنة على المنطقة بأسرها، بعد أن هيمن على العراق وسوريا، ومحاولته الهيمنة على "اليمن العربي السعيد" من خلال خُدّام أهدافه الذين تتفق أهدافهم مع أهداف الثورة الإيرانية التي استحوذت على عقولهم منذ عام 1979، فلولا القرار السعودي –العربي الحازم المتمثل بـ"عاصفة الحزم" نُصرةً للقيادة الشرعية اليمنية وللشعب اليمني الذي أصبح يئّنُ ويعاني ويلات الحرب كما أنّ وعانى الشعب العراقي والسوري من قبل، لكان اليمن في حال أسوأ ولاستطاعت إيران أن تحتفل بنصر تابعيها الحوثيين بالسيطرة عليه بالكامل.
إن المتابع جيداً لما يقوم به النظام الإيراني ضد المملكة العربية السعودية سواءً فيما يتعلق بهجوم الإعلام الرسمي الإيراني، أو فيما يتعلقُ بمنحه رخصةَ التصرف الهمجي واللاقانوني واللاشرعي واللاخلاقي لأتباعه في الداخل الإيراني بالاعتداء على سفارة المملكة العربية السعودية في "طهران" وحرقها وسرقة محتوياتها، وعلى قنصليتها في "مشهد"، يرى بوضوح مدى ما وصلت إليه العجرفة الإيرانية والطموح الفارسي البغيض، كما يكشف أبعاد المؤامرات الإيرانية في إيقاظ ودعم خلاياها النائمة في المنطقة العربية عبر ما تظهره إعلامياً من الإيحاء لتلك الخلايا في المنطقة العربية من أنها الداعم الرئيسي حرصاً على مصالحهم " كما تدعي " إلا أنها في حقيقة الأمر تسعى من وراء ذلك لتعزيز مصالحها الدينية "ألاثني عشرية " والقومية " الفارسية"، الأمر الذي يغذّي الإرهاب ليس في المنطقة العربية بل في العالم أجمع، وإلا ما هدف النظام الإيراني من افتعال هذه الأزمة بسبب إعدام رجل دين شيعي واحد من بين ال"47" الذين تم إعدامهم، وفي الوقت ذاته يُعدم النظام الإيراني المئات سنوياً حسب تقارير الأمم المتحدة دون محاكمات عادلة.
إذا كانت إيران تفعل كل هذا دفاعاً عن المكوّن الشيعي في الدول العربية الذين تعايشوا مع إخوانهم من المكوّن السني عشرات بل مئات السنين دون أن يكون بينهم أي نوع من التشاحن والبغضاء...فأي مصلحة لعربي أياً كان مذهبه في أي فتنة تحصل في وطنه الذي احتضنه منذ مئات السنين ؟...
اعتقد جازماً بأن المحّرك الأساس هو الأهاجيس السياسية والرقص على أنغام المذهبية التي اتبعها النظام الإيراني منذ نشأته، بهدف تحقيق "أوهامه " ! إلا أن ألاعيبه السياسية لم تعد خافيةً على أحد حتى على الشعب الإيراني نفسه... لقد وجدت إيران فرصاً سياسيةً سانحة ً لنفض أجنحتها ذات المصالح السياسية في الأجواء العربية منذ عام 2001 حيث ترك لها (الاحتلال الأمريكي لأفغانستان) هامشاً في كسب الود الأمريكي مقابل موقفها المتواطئ مع الشيطان الأكبر كما جاء في دستورها !! لتشعر بدفء الهاجس غرباً!، مرورا بعام 2003 حيث أضاف لها ( الاحتلال الأمريكي للعراق ) المساحة الأكبر من الحب الأمريكي مقابل موقفها الأكثر تواطئاً مع ذات الشيطان !!!، كما اكسبها ذاك الاحتلال الزمان والمكان المناسبين لبسط عباءة "الولي الفقيه" خارج الحدود الإيرانية داخل العراق العربي العظيم، ثم أتاحت لها الثورة السورية عام 2011 الفرصة الأكبر للتدخل العسكري في سوريا نصرةً للنظام السوري، ثم ما لبثت أن اتجهت أنظارها لليمن نصرةً للحوثيين الذين انقلبوا على الشرعية في محاولة للسيطرة على اليمن عام 2015 لولا عاصفة الحزم التي جاءت حازمة بعيون كل عربي غيور على عروبة الوطن. ثمة العديد من الأسئلة تدور في خُلد كل عربي وكل مسلم أياً كان مذهبه والتي لا يتسع المقام لذكرها إلا أن أهمها....!! هل موقف النظام الإيراني وموقف الدستور المتكئ عليه من المكوُن السني في إيران يتفق بما تطرحهُ سياسياً على المستوى الإقليمي والدولي اليوم ؟! وهل هناك أحقية لأهل السنة في التبوء بالمناصب الحكومية أو حتى المناصب الخاصة ؟! وهل يمنح النظام الإيراني الحرية لإقليم الأحواز العربي( قضية العرب المنسية منذ احتلالها عام 1925 على يد رضا خان ) ؟! وهل يجيز لأهل السنة في إيران بتمثيلم في مجلس الشورى ؟ ! وإذا كان تنظيم السياسة الخارجية الإيرانية كما نص عليها دستورهم على أساس المعايير الإسلامية والالتزامات الأخوية تجاه جميع المسلمين، والحماية الكاملة لمستضعفي العالم، فهل النظام الإيراني الذي يتغنى بديمقراطية وآلهية دستوره تجيز تجاهل حقوق المستضعفين من العرب والسنة في إيران ؟! وهل يسمح النظام الإيراني ببناء مسجٌد واحد لأهل السنة في طهران، وهل يسمح لهم بتطبيق مشاعرهم الدينية والتعبير عن آرائهم وان خالفت مشاعر النظام ؟! وهل من حق النظام الإيراني إعدام المئات من معارضيه في إيران لمجرد أنهم يعارضون ما جاء في الدستور الخميني الذي لم يجمع الأمة الإسلامية بل ساهم في تقطيع أوصالها، وأتاح المجال بكل الوسائل للإرهاب أن يغزو بلادنا ؟ وهل من حق النظام الإيراني أن يساهم بشكل رئيسي في إزهاق أرواح الآلاف من الأطفال والنساء والشيوخ في العراق وسوريا وفي اليمن، ؟! في يقيني أن الجواب بكل اختصار لا...وألف لا !......إنها لعبة الشطرنج الخاسرة لللاعب الإيراني في نهاية الأمر ذلك لأن السحر سينقلب في النهاية على الساحر. على النظام إلا يراني أن يكفُ عن اللعب بالنار، فالعرب هم من نزل القرآن الكريم بلغتهم تكريماً لهم، وهم الذين حملوا راية الإسلام منذ بعث سيد الخلق "محمد" صلى الله عليه وسلم ليهدي البشرية جمعاء من ظلام الكون إلى نور الله في الأرض والسماء، وهم أهل الضاد الذين لا تلين عزيمتهم حتى وان تكالب عليهم أهل الأرض جميعاً حتى وان لم يتحدوا بعد، فرسالتهم عربية إسلامية معتدلة، تنبذ الإرهاب والغلو والتطرف، وتحارب حاملي أفكاره أينما كانوا، ومهما كان مذهبهم...إنها رسالة الإسلام الحقيقي الذي لا يفرق بين عربي أو أعجمي إلا بالتقوى.
*عميد ركن متقاعد