لا اظن ان هناك امة تنافس العرب في حشد الالقاب، وقد بلغت الالقاب لأحد الموتى كما يروي المؤرخون احد عشر لقبا لم تتسع لها شاهدة القبر، ومن الزعماء المعاصرين من بلغت القابه ثلاثة اسطر على الاقل، وقد روى لي الصديق الراحل نجيب المانع انه حين عمل مترجما في وزارة الدفاع العراقية اثناء حكم عبد الكريم قاسم كان اهم مصطلح سياسي يؤرقه هو مصطلح الزعيم الاوحد، وقد يكون هذا المصطلح هو سبب استقالة او اقالة الصديق نجيب الذي هاجر الى لندن وعاش فيها وحيدا، وعثر عليه ميتا بعد ثلاثة ايام وهو جالس كعادته يستمع الى الموسيقى ويقرأ.
ولأن الالقاب الان بالمجان وليست كالباشوية والبيكوية في مصر ما قبل ثورة يوليو فلا بأس ان يحمل الفرد الواحد عشرات الالقاب، لهذا ازالت هذه الالقاب الاشبه بالقبعات او الطرابيش الفارق بين شيخ اميّ في احدى القرى يلبس عمامة وبين رشيد رضا ومحمد عبدة والافغاني، كما حمل لقب كاتب او شاعر في العالم العربي من لم ينجز عملا ابداعيا واحدا يمكن ان ينسبه النقد اليه.
أذكر انني سمعت من الشاعر البريطاني تيد هيوز اثناء مشاركة في لقاء شعري بالعاصمة البنغالية دكّا انه رجل يحاول ان يكتب الشعر ولا يجرؤ ان يسمي نفسه شاعرا رغم انه في تلك الايام وقبل رحيله كان يحمل لقبا رسميا هو شاعر البلاط البريطاني.
اما احد الكتاب الايطاليين فقد رفض ان تكون صفته في جواز السفر كاتبا لأنه كما قال مجرد قارىء وهذا ما كرره سارتر رغم كل موسوعيته حين سئل عن اللقب الذي يفضله فقال : قارىء ولا شيء آخر.
فكيف يغيب عمن يصنفون انفسهم كتّابا او مفكرين او شعراء انهم منذ شرعوا في كتابة الحرف الاول اصبحوا زملاء لهوراس والمتنبي واليوت ودانتي ويسبحون معهم في البحر ذاته؟
ان شغفنا بالالقاب حوّل الفرد الى بصلة، وهي الثمرة الوحيدة التي اذا قشرت حتى النهاية فلا لب لها، لأنها تتحول الى كومة من القشور !
وهناك حكاية يفرضها هذا السياق عن صديقين يحملان درجة الدكتوراة الاول غضب مني لأني قدمته لصديق عربي باسمه فقط، والثاني غضب مني لأنني قلت له يا دكتور، وقال ارجوك ان لا تعيدها، واذا كان لدي سبب لعدم ذكر الاول فان الثاني هو الصديق الشاعر ادونيس !
اخيرا ما الذي تضيفه الالقاب لحامليها؟ وهل هي في النهاية طواقي إخفاء!!
الدستور