خبز أمي .. !د. زيد حمزة
05-01-2016 02:18 AM
مثلما حن محمود درويش الى خبز أمه في رائعته الشعرية المعروفة تعبيراً عن حنينه لأمه وكل الوطن، ودونما تمحك بحواف هذا المعنى الجليل إلا بمقدار التشارك في القيمة الانسانية العظمى للأم ، دعوني اليوم استعير الشكل فحسب كمدخل للاعراب عن بعض شوقي لخبز أمي وكل الخبز الذي كان في زمانها سيد موائدنا الفقيرة البسيطة ( المصنوعة من اطباق القش !) لكنه ما عاد في هذا الايام يحمل نفس الطعم الشهي ولا نفس الليونة واللدونة اللتين كانتا تبقيانه قابلاً للمضغ والبلع بيسر حتى عند الاطفال والمسنين .. وقد يبدو هذا الوصف لاول وهلة نوعاً من الخلط بين الحقيقة ووهم الحنين الى الماضي حين كنا أنا واخوتي نساعد أمي احيانا في اعداد الطحين وعجنه و(تقريصه) أي تقطيعه على شكل كتل شبه كروية ثم(رقّه) بالشوبك ليصبح اقراصاً مستديرة بالسماكة المطلوبة لأرغفة الخبز الكماج، ثم صفّه على طبق القش وتغطيته بشرشف وحمله على الرأس الى الفرن ( إذا لم يحضر اجير الفران) حيث يتم خَبْزُه لتفوح رائحته التي لا يدانيها أي عطر في الدنيا ! لكن الوهم – نعلم يقينا – سرعان ما يتبدد وتبقى حقيقة الطعم المختلف عالقة في الحلق، أم هي الشيخوخة بوهنها وصلت كذلك الى حلمات الذائقة على سطح اللسان وما يساندها من خلايا عصب الشم في سقف الانف التي تميز النكهة المثيرة للشهية، لكن ذلك ما أستبعده بمعرفة دقيقة تقع ضمن اختصاصي الطبي ، أم أن القمح الذي كنا نحمله في الماضي الى مطاحننا هو قمحنا الذي نزرعه ونحصده بايدينا ونعرفه لامعاً كالذهب بغير اصباغ ، اما القمح الذي نستورده منذ عقود فالحكومة هي التي تعرفه وتقرر نيابة عنا أن تشتريه لنا بحُرّ مالنا وان يكون ذا نوعية جيدة فهو ليس إحساناً من احد وليس منحة مجانية لوجه الله ، ولا دخل لحكاية الدعم به.
|
الاسم : * | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : * |
بقي لك 500 حرف
|
رمز التحقق : |
تحديث الرمز
أكتب الرمز :
|
برمجة واستضافة