لا أعتقد انه في «تشيلي» تتغير «قناعة» الناخب بــ»صحن كنافة خشنة» آناء الليل وفي العشر الأواخر من الدعاية الانتخابية ، كما لا أعتقد ان عدد «البكمات» في القاعدة الانتخابية تعتبر عامل حسم في نجاح او فشل المرشّح للوصول الى البرلمان التشيلي ، كما أنني لا أعتقد على الإطلاق أن كبر حجم العشيرة وسماكة «الفخذ» الذي يخرج منه المرشّح كفيلة ان توصله للبرلمان...وبالتالي لا وجود لثقافة «الصوبات» و»الحرامات» و «الصوت بعشرين ليرة» يرتفع الى خمسين قبل اقفال الصناديق بساعات قليلة ..فهم يعتقدون أن الناخب هناك حرّ ويجب ان يبقى حر الإرادة والقرار والاختيار...
ولأنه في تشيلي لم يأت نائب واحد في «التزوير» ويعتبر النائب غيابه عن جلسة ما مهما كانت روتينية وغير مفصلية ، يعد من التقصير والخذلان بحق الوطن والمواطن الذي انتخبه..فقد آثرت النائب في البرلمان التشيلي «كارلا روبيلار» ان تحضر جلسة مجلس النواب التشيلي وهي في وضع صحي سيء للغاية ..الأنفلونزا والبرد والرشح لم يقعدانها في البيت بينما زملاؤها يناقشون قانون يخص رسوم الجامعات...على العكس فقد لفّت «لحافها» على كتفيها وحضرت الى البرلمان بلحافها البرتقالي لتناقش مصير القانون..مبدية اهتمامها بحضور الجلسات كاملة، معلقة انه لا يجوز أن أغيب عن هكذا جلسات مهمة حتى لو كنت مريضة فأنا أستطيع الحضور وردائي على كتفي وكأس البرتقال أمامي ومضادات الرشح في جيبي!!..
ذلك في «تشيلي» لكن هنا الوضع مختلف تماماً..»ربعنا» وفي خضم مناقشة مشروع الموازنة كانوا «يمصعون» الواحد تلو الآخر من المجلس بغية تهريب النصاب و»تفليت» الحكومة من المناقشة وكأن الموازنة التي تناقش في مجلسهم هي موازنة لدولة « الأوراغوي» وليس لدولتنا ، وكأن هذا الهروب الجماعي من أمام أهم مشروع يعرض على أعضاء المجلس ويحدد مصير الدولة المالي لسنة مقبلة يعتبر «شطارة» و«جسارة» ، وحتى لا يسألون أو يناقشون او يعدّلون أو يحتجّون على ما ورد فيه كانوا يتسابقون في سحب بعضهم بعضاَ من الجلسات على غرار طلاب المدارس الذين يحاولون الهروب من الفرصة وإفساد كل من لديه النية البقاء والاستفادة...
تخيلوا في أهم مشروع يمكن مناقشته خلال السنة يصر النوّاب على إنهاء الجلسة ،وإفراغها من الحضور وترييح الحكومة من الرقابة والمساءلة حول بنود ومحددات الصرف ، مفضّلين الوقوف في «الكاريدورات» واستهلاك الدخان والقهوة والنكات المشفّرة والكلام الفارغ على الوقوف الى جانب الوطن الذي أقسموا يوماً على خدمته...
عزيزتي «كارلا» هلاّ عطستِ في «كاريدور» مجلسنا أو بالقرب من بعض الوجوه الهاربة من مسؤولياتها ، علّها نابتهم عدوى مرضك «الوطني»..يا نائبة البرلمان «التشيلي»..بشرفك «تشيلي» عنا بعض مصائبنا التي تمشي على الأرض وخذي منا ما تشائين!...
غطيني يا كارلا العلي ما «فيش فايدة»