عن أزمة الإخوان مرة أخرىياسر زعاتره
04-01-2016 02:12 AM
من المفترض أن يخرج اليوم القيادي في جماعة الإخوان زكي بني ارشيد من السجن، فيما يجري همس بين أوساط كوادر الجماعة، بأنهم يعوّلون عليه في طرح مبادرة لإخراجها من المأزق الراهن الذي تعيشه منذ ما قبل سجنه؛ لا سيما أنه ساهم في مبادرة سابقة كادت تصل بالجماعة إلى بر الأمان لولا أن أجهضها آخرون في اللحظات الأخيرة، وذلك حين جرى التوافق على انتخاب الشيخ سالم الفلاحات لقيادة حزب جبهة العمل الإسلامي، مع تغيير معقول في قيادة الجماعة يتوافق عليه الجميع. من أجضهوا المبادرة المشار إليها هم أنفسهم من واصلوا لغة الإنكار في التعامل مع أزمة الجماعة، مستندين إلى مقولة قاصرة عنوانها صناديق الانتخاب، وهي مقولة لا تصلح وحدها في إدارة الجماعات الإنسانية، لا في القديم ولا في الحديث، ومن يقرأ سنة نبينا عليه الصلاة والسلام، ومن بعده أفضل الأزمنة على صعيد الوحدة والإنجاز يدرك كيف كانت جميع الحساسيات المحيطة تؤخذ بنظر الاعتبار، ويتم التعامل معها بواقعية وحكمة. شخصيا، وهذا كلام لا يعجب كثيرين، لا زلت مصرا على أن الخلاف في مجمله ينطلق من حساسيات شخصية وفئوية، وأن البعد المتعلق بالبرامج والأفكار ليس بذلك الحضور، وإن كان من الصعب تجاهله تماما، فالقيادة الحالية ليست راديكالية كما يردد البعض، ولم يعرف تاريخ الجماعة قيادة بهذه المواصفات في الممارسة العملية، حتى لو ردد بعض رموزها مقولات فكرية معينة في الأروقة الداخلية. ومن يستدلون دائما بحكاية كتاب الشيخ محمد أبو فارس رحمه الله حول حرمة المشاركة في الوزارة، يعرفون تماما أن أحدا لم يأخذه على محمل الجد، بدليل مشاركة الجماعة في حكومة مضر بدران،بينما تيار “أبو فارس” في ذروة قوته، فضلا عن المشاركة في البرلمان كسلطة تشريعية، وهي أكثر حساسية من السلطة التنفيذية بحساب المواقف الإسلامية. أما ما يقال عن البعد الفلسطيني والأردني فهو جدلي أيضا، لأن الجماعة هنا لم تقدم للقضية أكثر مما قدمته الفروع الأخرى للجماعة في الخارج، باستثناءات محدودة فرضتها الجغرافيا، وكان التقصير في معالجة الهمّ الداخلي نابع من الخوف من التصعيد أكثر من أي شيء آخر، بدليل أن ما يسمى تيار الوسط قاد الجماعة لثلاث دورات ولم يتغير شيء. أيا يكن الأمر، فالمطلوب في هذه المرحلة التي تعيش فيها الجماعة في معظم أقطارها حالة من الانكفاء السياسي هو لملمة الصف واستعادة بعض الدور؛ ولو الدعوي إذا تراجع السياسي، ولن يحدث ذلك من دون أن يتراجع حجم الانشغال بالأزمة الداخلية، ذلك أن جماعة تعيش أزمة داخلية في الليل والنهار لن يتبقى لديها من الجهد ما يمكن أن تقدمه على صعيد مجتمعها. ولن تنتهي الأزمة الداخلية من دون توافق معقول لن يحدث بدوره من دون تنازلات من القيادة الحالية، مع التركيز على أن أي ترتيب قادم (بعد الانتخابات أيا تكن نتيجتها) لا ينبغي أن يتم فقط بناء على صناديق الاقتراع، وإنما بناء على الصيغة الأقدر على تحقيق الأفضل، وعبور المرحلة وتجاوز تداعياتها السلبية، وما دام مجلس الشورى هو المرجع، فلن تكون هناك مشكلة في ترجمة الأغلبية تأثيرا في سائر السياسات إذا استدعت الحاجة بعيدا عن روح المناكفة، لا سيما أن القيادة كانت طوال العقود جماعية وليست فردية، مع أن وجود قائد فرد بمميزات خاصة يحقق ما يشبه الإجماع دون استبداد له مزايا كثيرة، لكن القيادة الجماعية قد تعوّض مشكلة غيابه. يوما فيوم ينفض المريدون من حول القيادة الحالية بسبب إفشالها لمبادرات الحل، وصار لزاما عليها كي تحافظ على الجماعة، وعلى دورها وسمعتها أن تقدم تنازلات أكبر من تلك التي كان عليها أن تقدمها من قبل، لكن الطرف الآخر لا ينبغي أن يبالغ أيضا حتى لا يُفسد إمكانية اللقاء، بخاصة إذا صدقت التوقعات وقدّم بني ارشيد مبادرة معقولة للملمة الصف. لا فرصة لنجاح المشروع الآخر المعروف، لكن ذلك لا يعني شيئا، لأن التنازع قد يفضي إلى فشل الجميع، وليس طرفا لوحده، والحل لإنقاذ الموقف هو التوافق ولا شيء غيره.
|
الاسم : * | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : * |
بقي لك 500 حرف
|
رمز التحقق : |
تحديث الرمز
أكتب الرمز :
|
برمجة واستضافة