من المتوقع أن تصل كلفة مستوردات الأردن هذه السنة من البترول الخام والمشتقات النفطية إلى 3ر2 مليار دينار. ولولا الانخفاض المفاجئ في الأسعار العالمية للبترول لكانت الكلفة 5ر4 مليار دينار على الأقل، وبذلك يكون الوفر المتحقق، دون أن يكون لأحد فضل فيه، حوالي 2ر2 مليار دينار، أو أكثر قليلاً من 8% من الناتج المحلي الإجمالي، فأين ذهب هذا الوفر الهائل، وما هي الجهات التي استفادت منه وحصة كل منها، وهل كانت هناك طرق أخرى للتعامل مع هذا المبلغ الكبير بحيث ينعكس كله أو جزء منه على النمو الاقتصادي، والمديونية، وعجز الموازنة.
هذه النواحي التي كان يمكن أن تستفيد من انخفاض أسعار البترول إلى أقل من النصف، لم تستفد من هذا الحدث العالمي، ذلك أن أرقام وتقديرات وزارة المالية (خطاب الموازنة) تدل على أن النمو الاقتصادي انخفض إلى 5ر2%، والمديونية ارتفعت بنسبة 10%، وعجز الموازنة زاد بنسبة 57% عما كان عليه في السنة السابقة.
هذا لا يعني أن المكسب البالغ 2ر2 مليار دينار تبخر في الهواء على طريقة (وين راحت المصاري؟)، فهناك جهات استفادت من هذا الوفر الهائل:
المستفيد الأول هو شركة الكهرباء الوطنية التي ما زالت تخسر ولكن خسارتها انخفضت بمبلغ يناهز مليار دينار.
المستفيد الثاني هو قطاع النقل العام والخاص، فهو يعتمد على البنزين الذي هبطت أسعاره المحلية بنسبة 40%. وذهب قسم كبير لصالح المواطنين الذين يملكون سيارات خاصة يعتمدون عليها في تنقلاتهم وأصبحوا يملأون خزانات سياراتهم بسعر مخفض.
كذلك استفاد المستهلك من حيث أن مستوى الأسعار في الأردن (التضخم) كان يمكن أن يرتفع بنسبة 3% لولا تأثير العامل البترولي، فانخفض بمقدار 8ر0% مما يعني أن المستهلك وفر 8ر3% من موازنته على جميع المواد، وهو وفر يمكنه من زيادة مدخراته إذا كان مدخراً، أو زيادة استهلاكه وتمكينه من شراء سلع وخدمات أكثر ورفع مستوى معيشته.
الحكومة لم تحاول الاستفادة مما حدث في تحسين مؤشرات الاقتصاد الأردني والمالية العامة، بل تركت كل المنفعة أو معظمها تذهب إلى جيوب المواطنين، خلافاً للانطباع السائد من أن الحكومة لا تمد يدها إلى جيب المواطن إلا لتأخذ!.
رد على الفانك
ورد إلى «الرأي» الرد التالي من المحامي محمد نجيب الرشدان على مقال الدكتور فهد الفانك المنشور في عدد الرأي بتاريخ 18/12/2015، تاليا نص الرد:
تعرض فيه الكاتب لمهنة المحاماة، ورأيت من واجبي الرد على ما ورد بالمقال.
إن مهنة المحاماة من أقدس المهن يدافع المحامون بها عن الحقوق وقد قدم زملاء لنا من المحامين حياتهم خلال ممارسة مهنتهم لتمسكهم في الدفاع عن الوطنيين والوطن وهي مهنة شريفة وتوصف بالقضاء الواقف وجزء من تشكيل المحاكم والمحامون أعوان القضاء.
يخرج أحياناً نقابي ينتمي لإحدى النقابات المهنية ويحنث في اليمين الذي حلفه بالمحافظة على شرف مهنته سواءً كان محامياً أو طبيباً أو مهندساً أو صحفياً أو حتى إقتصادياً ولكن لا يجوز التعميم.
والكاتب بجريدة الرأي وعلى الصفحة الأخيرة من الجزء الأول « رؤوس أقلام « كان قد خرج عن حدود تحليله الإقتصادي والصحفي عندما تعرض للمحامين ووصفهم الوصف الذي ورد بصحيفة الرأي معقداً مهنة المحاماة أو واصفاً هذه المهنة الشريفة بأنها تعقد القضايا.
إن ما ورد بمقاله بتاريخ 18 كانون الأول يستوجب الملاحقة القضائية للكاتب وذلك لتعرضه لمهنة المحاماة والقضاء خاصة حيث إن القرارات تصدر عن الجهاز القضائي الذي يطبق القانون وتطبيق القانون يمنع التجاوز وتعقيد القضايا، وليس كل قضية تعقد وإن حاول البعض من المحامين تعقيد قضية لا يعني ذلك ان كل محامٍ ينطبق عليه وصف الكاتب، وإن المحامي الذي يعقد القضية يردعه القانون والجهاز القضائي ليس غافلاً عن ذلك ويطبق القانون ومكلف بمنع ذلك، وبذلك يكون وصف الكاتب قد خالف الحقيقة والواقع والقانون.
إن المحامين أنقذوا حياة أشخاص بعد أن تبين للقضاء براءة هؤلاء الأشخاص من الإتهام وحصلوا حقوق آخرين بعد أن إمتنع البعض عن دفع إلتزماتهم والجهاز القضائي هو الذي يصدر الأحكام.
ومن واجبات المحامي الإستشارات القانونية، ولقد جنب المحامون الشركات من اللجوء للقضاء بتنظيم العقود وبيان الرأي القانوني في الإشكالات قبل وقوعها وقبل اللجوء للقضاء في المسائل القانونية، مما خفف العبء عن الجهاز القضائي وذلك بإجراء التسويات العادلة قبل إتخاذ الإجراءات القانونية، ولولا الإستشارات القانونية لكان عدد القضايا المنظورة أمام المحاكم أضعاف مما عليه الآن.
لذلك رأى المشرع إلزام الشركات بأن تكون العقود المنظمة وكل ما ينتج عن ممارسة هذه الشركات بإشراف من المحامين، كما هو الحال أيضاً بأن يكون هناك طبيب للعائلة لأن درهم وقاية خير من قنطار علاج وهذا من الأسباب الموجبة للقانون.
كم كان أفضل للكاتب أن يستشير محامٍ قبل أن يرسل مقالة للطباعة وتتم الموافقة على نشره.
إن أي مشروع قانون يعرض على السلطة التشريعة يتم عرضه مع الأسباب الموجبة لإقراره، ولقد وردت تعديلات على قانون نقابة المحامين تتعلق بتوسيع قاعدة التوكيل الإلزامي، وتعرض لها كاتب مقالة رؤوس أقلام اليومية بجريدة الرأي الغراء واصفاً المحامين وصفاً لا يليق بهم.
وتنظيماً لهذه المهنة وتسهيلاً لمهة القضاء، فلقد أوجب القانون المرافعة أمام المحاكم بالقضايا التي تنظرها أن تقدم تلك القضايا بواسطة محامٍ بل ألزم من يرغب بتقديم دعوى أمام محكمة العدل العليا أن تكون بواسطة محامٍ له خبرة لا تقل عن خمس سنوات، ولهذا النص أسبابه لتسهيل التقاضي أمام المحاكم حسب قانون أصول المحاكمات المدنية وجد المشرع ذلك بالأسباب الموجبة لصدور القانون تجنباً للفوضى والعواطف من غير المحامين.
إن مهنة المحاماة ليست إقامة الدعاوى فقط بل تقديم الإستشارات وتنظيم العقود والمحامون أعوان القضاء حسب المادة السادسة من قانون النقابة.
إن تقديم المشورة أو تنظيم العقد بطريقة قانونية سليمة يخفف الخلاف واللجوء للمحاكم ويحمي الإقتصاد، ولولا المشورة وتنظيم العقود لكانت أعداد القضايا التي تنظرها المحاكم أضعاف مضاعفة مما هي عليه الآن، وهذه النصوص ليست بقانون نقابة المحامين الأردنيين فقط وكان على الكاتب الإطلاع على قوانين النقابات الأخرى العربية والأجنبية.
فكل محام ينتسب للنقابة عليه أن يحلف اليمين بأن يقوم بعمله بأمانة وإخلاص، فإذا حنث بيمينه فإنه يلاحق من قبل النقابة، وإذا حنث أحد المحامين أو عدد منهم وعقدوا القضايا فهذا لا يعني أن كل المحامين كذلك.
خاصة وأن المحامين ( القضاء الواقف ) هم جزء من تشكيل المحكمة والجهاز القضائي هو صاحب القرار في القضايا وليس المحامي، وأن التعرض لهذه المهنة هو التعرض للقضاء بعينه والقضاء ليس غافل عن ما يرغب في تعقيد القضايا وهذا الجهاز يطبق القانون.
إن الكاتب الإقتصادي الدكتور فهد الفانك أخطأ بتحليله الإقتصادي فهو لو كان يعلم ما قيمة الإستشارات القانونية لما تطرق لهذا الموضوع ولو أنه إستشار احد الزملاء بمقالته المنشورة ب لما عرض نفسه للنقد أو الملاحقة القانونية.
إن من أهم نتائج أعمال مهنة المحاماة في المملكة الأردنية الهاشمية إنقاذ حياة وحرية أعداد كبيرة من الأشخاص بدلالة أحكام البراءة الصادرة عن المحاكم في القضايا الجنائية والجزائية، وبنفس الوقت إعطاء الحقوق لأصحابها إلا إذا كان الكاتب له وجهة نظر في عدالة الأحكام أو عدم تطبيق أحكام القانون.
وإنني لا أدافع عن الجهاز القضائي بل إن الجهاز القضائي يدافع عن نفسه وإن كان من واجبي الدفاع عنه، ولكن أكتفي بالتطرق لمهنة المحاماة في هذا الرد مؤكداً كل الإحترام والتقدير للجهاز القضائي الذي لا يقبل تعقيد القضايا وملزم بتطبيق القانون وتحقيق العدالة وكذلك القضاء الواقف..
وتفضلوا بقبول فائق الإحترام، ،،،،
المحامي محمد نجيب الرشدان
الراي