قبل أيام التقيت مجموعة من طلبة الدراسات العليا في جامعات مختلفة.. كانوا في حال يرثى لها.. لأسباب أقل ما يقال عنها أنها تجافي البحث العلمي وعلاقة طالب الماجستير أو الدكتوراه بأستاذه... قالوا كلاماً لا يليق ببعض الأساتذة، فالأستاذ مهما علت منزلته هو إنسان.. وعليه أن يتحلى بفضائل عديدة أهمها التسامح والصبر والمصداقية واحترام الآخر.. لكن البعض يرى أنه في برج عاجي والطلبة أقزام لا يليق بها أن تصعد اليه، ونسي أو تناسى هذا الدكتور أو تلك الدكتورة أنه أو أنها كانت ذات يوم مثل هذا الطالب أو تلك الطالبة...قال الطلبة: أنهم يرون في معاملة بعض الطلبة من قبل بعض الأساتذة وكأنهم في مدارس ابتدائية.. وإن بعض المشرفين على رسائلهم لا يلقون لها بالاً .. وأن بعضهم حتى لا يكلف نفسه عناء قراءة الرسالة بتمعن وهو المشرف على الطالب وعليها .. وشاهدت أنا شخصياً في عدد من مناقشات الرسائل الجامعية أن المشرف على الرسالة يتفاجئ ببعض المعلومات في رسالة طالبه.. وهذا شيء محزن لبعض الأساتذة ؟ !

وقالت لي إحدى الطالبات أنه تم تغيير مشرفها أكثر من مرة، وآخر مرة كان المشرف أحد الذين لم تكن على وفاق معهم في مرحلة البكالوريوس .. فكيف ستمضي في كتابة البحث العلمي في مرحلة الماجستير .. وقال آخر: أنه عانى لأكثر من ستة أشهر من أجل أن يحصل على مشرف على رسالته .. وقالت إحدى الطالبات: أن مشرفها قبل أن تنتهي الرسالة بقليل حصل على إجازة تفرغ علمي وأصبحت تعاني الأمرين من أجل رحلة الإشراف الصعبة دون أن يكترث لها أحد ..

ويستغرب الكثير من طلبة الدراسات العليا اللامبالاة عند الكثيرين من الأستاذة في عدم إرشاد طلبتهم للمنهجية العلمية السليمة التي يريدون أن يسيروا عليها.. وأحيانا يمضي الطالب وقتاَ لشهور في بحثه ثم يوقفه أستاذه ودون حتى أن يسمح له بمناقشته.. وذات يوم ترقرقت الدموع من عيني إحدى الطالبات.. لأن مشرفها عندما قرأ الرسالة في آخر أسبوع قبل المناقشة وجد أن هناك خطأَ إحصائياَ جسيماَ.. فغضب غضباَ شديداَ.. وحمل الطالبة المسؤولية .. رغم أنه غاب أشهر دون أن يتابع ما أنجزته طالبته .. والويل والثبور إذا أراد الطالب أو الطالبة أن يدخل في مناقشة مع أستاذه ..

وهنا أنا بالتأكيد لا أعمم .. وأرى أن هناك بعض الطلبة الذين أصلاً بحاجة إلى إعادة النظر في قبولهم .. لكن هذا لا يمنع أن يكون هناك تقدير واحترام ما بين الأساتذة والطلبة .. وأن تكون العلاقة شفافة ونقية تظللها المحبة والود .. وعلى الدكتور أن يكون خير معين للطالب، وهناك الكثير من الأساتذة الأجلاء الذين نفتخر بهم ونحني هامتنا حباً وتقديراً ووفاءً لهم .. لكنني أتحدث هنا عن غيرهم .. وهم كثيرون .. مثلما ينبغي على الطالب أن يكون صاحب مجهود وافر وأن يبحث بجد واجتهاد وعمل متواصل وأن يبتكر ويكون صاحب تفكير ناقد وخلاق .. حتى يكون متميزاً في أدائه وبحثه ويقدم رسالة علمية يفتخر بها على مر الأيام والسنيين....
adnanodeh58@yahoo.com