الجامعات .. و"سيري": التطوير أو الاندثار
د.عدنان هياجنة
30-12-2015 12:02 PM
ثمة تهديد حقيقي للجامعات الأردنية، يشي بأن استمرار الواقع سيؤدي إلى اندثارها بوصفها الوظيفي، فالتطور الكبير في مجال تكنولوجيا المعلومات بات يهدد الدور الوظيفي السائد في جامعاتنا الوطنية، المستند إلى فكرة المعلومة وتلقينها للطلبة، دونما اعتبار لماهية التطور الحاصل.
لا شك أن الجامعات باتت مهددة بـ"الاندثار الوظيفي" حال لم توفر، على وجه السرعة، رؤى وخططاً عملية للمستقبل، خاصة في مجالات العلوم الاجتماعية والإنسانية، باعتبارها الأساس في صقل شخصية الطالب.
ثورة تكنولوجيا المعلومات، وما تقدمه من خدمة معلوماتية، باتت تنافس الدور التقليدي لجامعاتنا، الذي لا زلنا متمسكين به، ومتجاهلين حقيقة التغيّر الحاصل، فالتكنولوجيا الحديثة منافس كبير، أسرع وأسهل وأوضح، لما تقدمه الجامعات الآن، "فسيري" - على سبيل المثال لا الحصر - يستطيع الإجابة على كثير من الأسئلة المعرفية، التي كنا نعتقد كأساتذة في الجامعات أنها حكر علينا، كما أن التطور الهائل في ما توفره محركات البحث من معلومات في جميع المجالات يصعِّب العملية، ويدعونا إلى إعادة التفكير في دور الأستاذ والطالب والجامعة.
إذا استمر واقع الجامعات الأردنية على هذا الحال، فيسكون دورها فقط هو "إضفاء الشرعية" على مخرجاتها من خلال منح "الشهادات العلمية"، التي قد تكون شهادات لا يحتاجها المجتمع إلا من باب "البريستيج"، الذي أدى إلى حمى انتشار الألقاب في المجتمع الأردني، بحيث أصبح - حسب تعبير البعض - حملة الدكتوراه أكثر من عدد حملة الثانوية العامة، وهو ما حدا بنائب رئيس الحكومة إلى القول، قبل أيام، إن "الأردن ليس بحاجة إلى خريجي جامعات لمدة 20 سنة"، مؤشراً بقوله إلى انتفاء الحاجة للخريج التقليدي، سواء على مستوى المجتمع أو سوق العمل المحلي والإقليمي، ما يعني انتفاؤها – أيضاً – بالنسبة للأستاذ الجامعي للجامعة ذاتها؛ فالمجتمع بحاجة إلى نوعية أخرى من خريجي الجامعات.
متطلبات سوق العمل تحتاج إلى خريج يتقن التواصل الإنساني واللغات، ولدية بنية معرفية وقدرات فكرية للتعامل مع التحديات وابتكار الحلول، ما يتطلب من القائمين على التعليم العالي مراجعة عميقة، فاستطلاعات الرأي المحايدة والعلمية، التي أجريت في أكثر من 20 دولة، أكدت حاجة المستقبل لجامعات مختلفة عما هو سائد، وكشفت عن ارتفاع توقعات الطلبة حيال استخدام التكنولوجيا في الحصول على المعلومات، وهذا بحد ذاته يشكل تحدٍ كبير لأساتذة الجامعات، بحيث تغيّر من دورهم من مزود للمعلومات إلى مزود للخبرات وطرق البحث والتفكير والابتكار.
الشواهد كثيرة، وكلها تؤشر على ضرورة اتباع وسائل خارجة عن الكلاسيكية السائدة، تتيح تطوير قدرات أعضاء هيئتي التدريس والإدارة في الجامعات، وتعيد النظر بالقدرات التكنولوجية للجامعات، وتمتلك أدوات لتقييم وتطوير المناهج والبنى التحتية، فضلاً عن تقييم حاجة السوق المحلي والإقليمي والخطط الحكومية في موضوع الجامعات؛ وسنحاول في قادم الأيام عرض بعض الرؤى العلمية للتعامل مع هذه المحاور.