تكمن أهمية عمّون - كما أرى - بإمكانية تعليق وتعقيب القارئ على رأي كاتب المقال مباشرة ، حيث يرد التعليق أسفل النص مباشرة ، ضمن ضوابط ، وسقف عال من حرية التعبير . إضافة إلى ما أتاحته عمّون من فرص طرح الآراء والأفكار . وبهذه المناسبة أزجي التحية والتقدير لأسرة عمّون التي لا أعرف منها إلا الأستاذ سميرالحياري كصوت وصورة ، والأستاذ باسل العكور كصوت فقط . هذه الأسرة اتاحت الفرصة للكثير من الكتاب المعروفين ، ولقراء عاديين جدا مثلي ، بإطلالة عبر نافذة فسيحة للتواصل والحوار .لست بصدد مناقشة الهدف من الكتابة في عمّون وغيرها من وسائل الكتابة والنشر والتعبير ، بل أسعى إلى ما يلي النشر ، لما ما فيه من جوانب هامة وخطيرة .
قناعة كل منا هي أنه على حق ، وأن رأيه لا يأتيه الباطل من أي جهة ، وقليل منا من يعترف بخطئه ، وقد يأتي الاعتراف متأخرا ، أو بعد فوات الأوان ، أو لا يجهر به على الملأ . يقوم أحد الكتاب بنشر مقالة في عمّون ، يعرض فيها رأيا ما ، أو فكرة تتضمن نقدا لممارسة معينة أو تطرح معضلة ما ، والحلول المقترحة لحلها ، ولما كانت القضايا مدار البحث من صميم الشأن العام ، وتم طرحها على الملأ ، بات من حق القارئ أن يتعاطى معها نقدا أو ثناء ، معارضة أو تأييدا ، وفق قناعته ، ووفق معاييره الفكرية .
يقرأ أحد السادة القراء مقالة لأحد الكتاب ، تنال استحسانه ، قد يكتب للكاتب مؤيدا ما طرحه ، ومشاركا بوجهة نظره ، وقد يتفق في جوانب ويختلف في أخرى ، بل ويمكن أن لا يتفق مع رأيه كاملا ، وهنا يتوقع أن يعرض وجهة نظره ببضع كلمات يبين فيها وجه عدم موافقته لما طرحه الكاتب ، وللكاتب حق الرد على التعليق ، وهنا جوهر الأمر ، إذ أن المحاورة بقصد الإقناع والاقتناع ذات نفع وفائدة على صعيد بلورة الأفكار والآراء الصائبة ، التي يسعى الجميع للوصول إليها .
لا تجري الأمور دائما ، وكما يُتوقع في حالات الاختلاف ، من حيث أدب الحوار ، وألفاظ الخطاب ، وطريقة عرض الأفكار . لكل إنسان الحق باستعمال اسمه الحقيقي ، ونشر عنوانه الإلكتروني ، ورقم هاتفه وصندوق بريده إن أراد ، وله الحق أن يستعمل - ولا أقول يستتر - باسم مستعار للطرافة أو خشية أمر ما ، لكن ليس من حقه أن يوصل بالحوار أسفل سافلين ، ويستخدم السوقي من الألفاظ ، وأعتقد أن " غربلة وتنخيل " الأخوة القائمين على عمّون لما يرد من تعليقات ، لأسِفنا مما يريد أن يوصلنا البعض إليه . إن عمّون ساحة وبوابة حوار وليست ساحة مناكفات ومهاترات . نحن شعب أصيل وصلنا بأنفسنا ، ووصلنا بغيرنا درجات عالية من العلم والثقافة ، تعلمنا وعلمّنا الغير من الأشقاء ، ويجب أن لا يغيب عن بال أحد منا أن شرائع السماء ، وأعراف الأرض تؤكد على السلوك المهذب الذي سيبقى عنوانا للجميع رغم فئة قليلة جدا ترى غير ذلك .لتبقى عمّون ساحة حوار وليست ساحة نزال .
haniazizi@yahoo.com