لا لمجمع الدوائر الحكومية
د. فهد الفانك
22-06-2008 03:00 AM
دعا أمين عمان الكبرى المهندس عمر المعاني مجموعة من الاقتصاديين والصحفيين إلى مائدة مستديرة تعقد اليوم لمناقشة مشروع الأمانة لإقامة مجمع للدوائر الحكومية في منطقة وادي عبدون. وبما أن لدي ظروفاً تحول دون المشاركة ، فإني اكتفي بتكرار ما سبق أن أكدته سابقاً.ليس من المهام الأساسية لأمانة عمان الكبرى ، أو لأية بلدية أخرى ، أن تؤمن المباني للدوائر الحكومية ، ومع ذلك فقد تطوعت الأمانة لإقامة مجمع للدوائر الحكومية في منطقة عبدون ، واستملكت لهذا الغرض 450 دونماً تقدر كلفتها بمبلغ 140 مليون دينار ، إلى جانب مئة دونم أخرى تملكها الأمانة ، لإقامة المجمع بكلفة تقدر مبدئياً بمبلغ 1400 مليون دينار قابلة للزيادة.
سيموّل المشروع مستثمر عربي ، بحيث تصبح الحكومة بمثابة مستأجر عنده ، ولا نعتقد أنه يتوقع مردوداً على رأسماله يقل عن 10% سنوياً ، أي 140 مليون دينار كإيجارات تدفعها له الحكومة ، لإسكان جانب من الدوائر الرسمية في عمان ، فهل هذا المشروع مجدٍ عملياً. وهل له أولوية في الظروف المالية الراهنة.
سوف تستفيد من المبنى الجديد الدوائر الرسمية التي تشغل الآن مباني مستأجرة ، لكن الموازنة العامة تفيد أن مجموع الإيجارات التي تتحملها الحكومة لإسكان جميع دوائرها المدنية ليس في عمان فقط بل في جميع محافظات المملكة لا تزيد عن 11 مليون دينار في السنة ، يستفيد منها عشرات الملاك الأردنيين ، فلماذا تستبدل الحكومة الوضع الراهن على علاته بمجمع يزيد إيجاره السنوي عن عشرة أضعاف الكلفة الحالية ليتحول القسم الأكبر منه لخارج البلد بالعملة الأجنبية ، فهل هذه إحدى وسائل ترشيد الإنفاق العام وتخفيض العجز في الموازنة العامة وميزان المدفوعات؟.
يقال بأن الهدف من المشروع هو راحة المواطن لكي لا يتحمل أعباء التنقل بين الوزارات والمؤسسات من حي إلى آخر ، الأمر الذي يتناقض مع القول بأن من المقرر أن تستفيد من المجمع الدوائر التي لا تمتلك مباني خاصة بها وتقيم في مبان مستأجرة ، فللمواطن مصالح في تلك الدوائر.
أي ازدحام مروري ستشهده منطقة المجمع. وأي كابوس أمني سوف نخلق بأيدينا. مجمع الدوائر الوحيد في العالم العربي موجود في ميدان التحرير في القاهرة ومن المقرر هدمه لفشل التجربة.
أمانة عمان الكبرى ليست دائرة رسمية فقط بل مؤسسـة اقتصادية أيضاً ، وهي تغرق الآن في الديون ، وقد أصبح واضحاً أنها إذا كانت بحاجة إلى مهندس له خيال معماري جامح ليقودها ،فإنها بحاجة أيضاً إلى خبير إداري ومالي يرشد سلوكها.
الراي.