ان المعرفة ثروة بوصفها رأس المال الفكري للمجتمع، والمؤسس واقعيا لرأسماله الهيكلي.
يوصف عصرنا بالتضافر المعرفي المتجدد والمتسارع, ومداومة الاكتساب الذاتي والمؤسسي لمؤسسات المعرفة وأنساقها.
يواجه الإنسان في ممارسته الحياتية نوعين من العلاقات، علاقة مفهومها الارتباط باتجاه واحد ويخضع للتسلسل المكاني والزماني، وتسمى علاقة السلسلة، وأخرى يسمح مفهومها بإمكان التعدد لكل العلاقات وتسمى علاقة الشبكة.
يتبدى نجاح هاتين العلاقتين في مدى قدرة الارادة الذاتية على استنهاض القوى الحيوية في الانسان لاكتساب المعرفة وأدواتها الخاصة بكل علاقة، التي بقدر اتقانها يتحقق ازدهار تلك العلاقات.
لكن معرفة الديموقراطية ليست مرادها فقط المشاركة في الرأي، ولكنها بجانب ذلك مرادف لمعان كثيرة، منها المشاركة في الملكية، والمشاركة باتخاذ القرارات ,والمشاركة في توزيع الثروات.
من هذا المنطلق كيف نتوجه لمخاطبة الجهات الخارجية للمشاركة والاستثمار في المشاريع الكبرى دون مشاركة فعالة من أبناء الوطن.
كيف يثق الشعب فيما تطرحه حكومته من مشاريع واستثمارات دون مشاركة منه؟
ان الاتجاه نحو مخاطبة الغير دون مخاطبة الشعب يفقد الاحساس بالاهتمام بما تفعله الدولة، ولا يرسي الديموقراطية باسلوب صحيح ويجعل الرأسمالية متحكمة ومتوحشة.
ان تشجيع الشعب على الاستثمار الصحيح ينشط الاقتصاد وينميه ويزيل المخاوف عن السكان الذين لا يثقون بالاستثمار في البلد، بينما يستثمرون في الخارج أو يكدسون أموالهم في البنوك دون تحريكها او الاستفادة منها.
كما ان القوانين نحو الشكاوي ضد الشيكات الراجعة,والبطئ باتخاذ الاجراءات تحرم البلد من الاستثمار وتهرب الاموال للخارخ وتشجع المشاكل وتجعل كل انسان يأخذ حقه بيده وتفقد الدولة هيبتها.
بينما في الامارات مثلا لديهم قانون صارم يحافظ على الاستثمار ويمنع الاستغلال ويعطي كل ذي حق حقه.
نلاحظ ان السياسة الصهيونية لا تعتمد في تحديد سياستها وقراراتها المهمة وتحديد أمنها القومي على الحكومة الاسرائيلية فقط ,ولا حتى على المؤسستين الامنية والعسكرية بشكل مباشر.
خلف هذه وتلك تقف مؤسسات أخرى ,تعمل في الظل وتضع في نهاية الامر محصلة عملها وجهدها أمام السياسيين ومتخذي القرارات ,ليحولوا هذه الاوراق والتوصيات الى قرارات سياسية تطبق على أرض الواقع .
تعرف الساحة سياستهم العشرات من مراكزالابحاث والدراسات، تسمى مراكز التفكير ومصانع التفكير ,ويتمتع جزء كبير باستقلالية في عمله.
يضم جزء ليس بقليل منهم عددا كبيرا من العسكريين السابقين ,لتأسيس هذه المراكز التي توجه السياسة وتعطي المعرفة لمتخذي القرارات.
لماذا لا نستطيع انشاء مراكز بحث ومعرفة حقيقية ,لتوجيه الانتماء والعمل لصالح وطننا الكبير.
الوطن الذي أصبح ساحة مستباحة لكل من هب ودب ,يأتي اليه الارهابيون من كل البلدان,من الشيشان وجبال القوقاز ,مرورا بأفغانستان وباكستان الى السنغال ونيجريا, ومن أوروبا وأمريكا.
من أفقر الدول وأغناها ,استوطنه الارهاب ,وأقام به مزارع لتفريخ الكوادر ومراكز تدريب على أحدث أساليب القتال في حروب العصابات .
موقع العالم العربي الفريد في قلب العالم ,جغرافيا وحضاريا وتاريخيا وسياحيا ,وثرواته الهائلة وممراته المائية ,جعلته دائما مطمعا للغاصبين والمحتلين ,سواءمن دول الجوار في محيطه الاقليمي او من القوى الاستعمارية .
نرى ان تركيا تسعى بكل الوسائل لاحياء الدولة العثمانية ومن ثم دولة الخلافة ,لكي تعود وتسيطر على مقدرات المنطقة ,واستطاعوا ان يلعبوا على مشاعر الشعب العربي بدفاعهم عن القضية والفلسطينية ,والتصدي للغطرسة الاسرائيلية في العلن (وممالاتها في الخفاء), اتخذوها مدخلا لاقامة علاقات سياسية واقتصادية وثيقة مع كثير من الدول العربية ,ضمنت لهم تصدير منتجاتهم للاسواق العربية بتسهيلات وحققت لهم رواجا اقتصاديا كبيرا .
عندما اندلعت ثورات الربيع العربي ,تخلت تركيا عن الانظمة التي كانت تعتبر صديقة لها .
أما ايران فان طموحاتها أيضا لاتختلف عن جارتها اللدودة تركيا ,التي دخلت الى قلب الشعب العربي من نفس مدخل القضية الفلسطينية، والكيان الصهيوني وكانت تقدم الدعم لمحور المقاومة ,بأساليب المعرفة والمال والسلاح، وأصبحت لاعبا رئيسيا للتأثير في صنع القرار بعدة عواعصم عربية.
لتقوية قواعد المعرفة وما يدور حولنا من مؤامرات للبحث عن الحقيقة ,لتوجيه السياسة والاقتصاد والعمل لصالح الامة ومستقبلها وتطويرها ,فلا بد من وجود مراكز للابحاث ,تعطي المشورة للدولة في الامور السياسية والاقتصادية والثقافية حتى تتخذ القرار الصائب لحماية الوطن واعداده اعدادا ايجابيا ونافعا للاجيال القادمة.
dr.sami.alrashid@gmail.com