أيُّـها العرب إحـذروا عـبـث الكبار
محمـود الشـيبي
27-12-2015 01:57 PM
دخلت روسيا سوريا، واستقرّ جيشها في قواعد عسكرية سورية، ليقاتل الجيش الحر، ويقتل الشعب السوري، دفاعاً عن حليفه بشار الأسد، بدعوى أنّ لروسيا مصالح في سوريا، وقد أقـرّ لها العرب بهذه المصالح. الولايات المتحدة موجودة في الوطن العربي لأن لها مصالح في الوطن العربي، أقـرته لها الحكومات العربية. ثمّ جاءت إيران بعد أنْ أصبحت قوة إقليمية في المنطقة، واستقرت بقواتها في كل من العراق وسوريا، وسيطرت من خلال حزب الله على لبنان، وها هي تقاتل الشعب اليمني ضـد إرادته من خلال الحوثيين، وأيضاً من أجل مصالحها في المنطقة، بعد أنْ كـشَّـفتْ عن أنيابها وأعلنت أنها تقاتل دفاعاً عن عرقها القومي، ولا أدري ما علاقة الوطن العربي بعرقها القومي؟!. والسؤال الذي يتبادر إلى الذهن: أليس من حق الشعوب العربية أنْ يكون لها مصالحها في وطنها؟!. طبعاً نحن لا نسعى لأن يكون لنا مصالح في روسيا وأمريكا وإيران، لأننا ضعفاء. يبدو أنّ العرب راغبون باستعمار جديد، بعد أنْ ولّى الإستعمار الذي تلبسهم في القرن العشرين وما قبله.
أوباما يُعلن أنّ أمن اسرائيل هو أحد المواضيع التي على رأس جدول أولويات سياسته الخارجية، ويتباهى أنّ ما قدمه لإسرائيل من مساعدات يفوق ما قدمه أي رئيس سابق. وأمام نتنياهو في البيت الأبيض" يشجب العنف الفلسطيني ضد الأبرياء في إسرائيل"، وأن من حق اسرائيل الدفاع عن نفسها، متجاهلاً بأنّ اليهود هم من اغتصب فلسطين وشرّد الفلسطينيين في كل أنحاء العالم، وأن اسرائيل ما زالت تحتل الأرض الفلسطينية فتقتل وتدمر وتحاصر وتعتقل وتسجن بلا سبب، فهل سمع العرب ذلك؟.
وزير الخارجية الأمريكي يتقلّب في آرائـه ويُغيِّر في تصريحاته بما يشي عدم جديته في إيجاد حل للأزمة السورية. فقد كانت أمريكا لا ترى وجوداً للأسد خلال المرحلة الإنتقالية، ثم رأى كيري إمكانية وجود الأسد خلال المرحلة الإنتقالية. وها هو كيري يرى دوراً للجيش السوري في محاربة داعش مع المعارضة السورية بوجود الرئيس بشار الأسد. في حين أنّ النظام السوري وفَّـر أرضاً خصبةً للتنظيمات الإرهابية، إنْ لم يُـنـسِّق معها أو مع بعضها. وهذا ما يسعى إليه بوتين روسيا الذي يقاتل الجيش الحر ويدك الشعب السوري بصواريخه المدمرة بشراسة، ثم يدّعي محاربة داعش. وبهذا نجد أنّ الجميع متفقون على إطالة الأزمة السورية، وإطالة وجود داعش من أجل تدمير سوريا.
بوتن حزم أمره واختار الوقوف إلى جانب صديقه بشار الأسد، والكرملين لا يعبأ كثيراً بقيمة حياة الإنسان طالما أنّ الأمر لا يهدد النظام الروسي. إنّ بوتن وبشار الأسد متفقان على أنّ محاربة داعش لا يخدم مصالح روسيا والنظام السوري، لذا فهما متفقان على مقاتلة الجيش الحر لأن للجيش الحر حاضنة شعبية سورية ودعم عربي، في حين تفتقد داعش لأي من هـاتين الميزتين. لذا فإنّ روسيا ليس حليفاً نظيفاً لمحاربة داعش. هذا ما تدركه الولايات المتحدة، وتدركه الدول الغربية، لكنهم يصرون على الجهد الروسي في محاربة الإرهاب. بوتن يقول إنه لن يسمح لأي قوة خارجية أن تقرر مَـنْ يحكم سوريا، وتناسى أنّ نصف الشعب السوري أصبح نازحاً أو لاجئاً في أنحاء المعمورة، بفعل سلاحه وقواته، وقوات بشار الأسد والإيرانيين، وتناسى أنه قوة أجنبية خارجية تحتل سوريا، وتفتك بالشعب السوري، وهو يريد أنْ يقرر من يحكم سوريا. ليت روسيا تتوقف عن التدخل في شؤون سوريا، وتترك السوريين وحدهم يقررون مصير بلدهم بانفسهم.
اتفاقية سايكس – بيكو السرية بين بريطانيا وفرنسا، بمصادقة من روسيا، رسمت حدود بلاد الشام والعراق عام 1916 لمصلحة كل من بريطانيا وفرنسا. وزير الخارجية البريطاني آرثر جيمس بلفور أقام دولة اسرائيل في فلسطين بموجب وعد أو تصريح أرسله لليهودي اللورد ليونيل روتشيلد بتاريخ 2 نوفمبر 1917، يشير فيها إلى تأييد الحكومة البريطانية إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين، وهو وعد من لا يملك لمن لا يستحق .
وهاهي محنة العرب تتكرر في القرن الحادي والعشرين، فـتـرسـم الدول الأجنبية حدود وسياسات الدول العربية من جديد. الطيران الروسي يسفك الدم العربي السوري، ويقتل المدنيين الأبرياء بغير ذنب اقترفوه إلاّ أنْ قالوا لا لبشار الأسد.
روسيا وإيران يقفان خصماً للشعب السوري، والمعارضة الوطنية، وفي نفس الوقت يتدخلان في تصنيف المعارضة السورية، ليكونا الخصم والحكم، و يقرران مَـنْ مِـنْ المعارضة مؤهل لمفاوضة نظام القهر والقتل والإستبداد. فقد أفادت أنباء صحفية عربية أنّ الأردن تسلم من روسيا أخيراً قائمة تضم 22 فصيلاً في سوريا لإدراجها في قائمة الإرهاب، التي يعكف الأردن على إعدادها، معظمها من الجيش الحر، وذلك توطئة لإستبعادهم من المشاركة في المفاوضات مع نظام بشار الدموي. بمعنى أنّ روسيا تريد فصائل موالية للنظام كي يفاوض النظام نفسه بنفسه. فهل بعد هذا الهوان هوان. إن فصائل الإرهاب الحقيقية إلى جانب داعش والنصرة هي الجيش الروسي وجيش بشار الأسد وحزب الله وميليشيات إيران المختلفة الأسماء. أيها العرب إحذروا عـبـث الكبار في بلادكم، ورُدّوا كيدهم قبل فوات الأوان.
أيها العرب لقد اثخنت الجراح الدامية شعبكم العربي في سوريا، فانتصروا لهم في الأمم المتحدة،وبمجلس الأمن، لوقف العدوان الروسي الإيراني الذي دمر البيوت، وأحرق الأخضر واليابس، وقتل الرضيع وأمه ، وكل الآمنين في بيوتهم، واعلموا أنه لا يفل الحديد إلاّ الحديد.