لماذا لم يستفد السوق الأردني من انخفاض السلع ؟؟!!!
سامي شريم
27-12-2015 01:39 PM
المُتابع للسوق العالمي يلمس انخفاض ملموس في اسعار السلع الأساسية والتي تُشكل النسبة الأكبر من انفاق العائلة الأردنية ، فعلى صعيد الحبوب تُواصلْ الأسعارانخفاضها بما يتجاوز 18 % عن أسعارها منذ منتصف عام 2014 وكذا أسعار الزيوت لأكثرمن 9% وأسعار الألبان لأكثر من 25% وأسعار السكر لأكثر من 7% وكذلك اللحوم التي تماسكت أسعارها في بداية العام وبدأت تميل إلى الإنخفاض بمعدلات تجاوزت 4% منذ مطلع النصف الأول من هذا العام ، ولا شك أن هذا التراجع يُعزى بالدرجة الأولى إلى الإنخفاض المتواصل لأسعار النفط بداية الشهر السادس من عام 2014 وحتى اليوم والذي تجاوز 65 % من سعره آن ذاك والذي بدأ لأسباب سياسية وأخرى اقتصادية ستجعل عودة الأسعار لسابق عهدها حُلماً صعبْ المَنالْ ، ولسنا بصدد سرد الأسباب والتي على رأسها تحول الولايات المتحدة من مستورد إلى مصدر للطاقة وتوجه الكثير من الدول والشركات العالمية للاستثمار في مشاريع الطاقة البديلة بحيث نتحدث عن استثمارات تتجاوز في مجموعها 300 مليار دولار بحلول عام 2025 وهذا يُبشر بشكل أو بآخر ويدلل على استقرار الأسعار للسلع الأخرى بشكل عام في المستقبل المنظور والمتوسط المدى .
كما أن اشتعال الحروب والإضطرابات في كثير من دول العالم أدى إلى خفض الطلب على السلع الكمالية والتي انخفضت أسعارها بمعدلات كبيرة فاقت كثيراً الإنخفاض في أسعار مثيلاتها من السلع الأساسية وبهذا فمن المفروض أن تنعكس هذه الأسعار بنفس النسب على السلع داخل السوق الأردني فلماذا لا يلمس المواطن الأردني هذا الإنخفاض العالمي الملموس للأسعار؟!!
فيما عدا انخفاض العجز في الميزان التجاري الناجم عن الانخفاض الكبير في فاتورة الاستيراد لم يكن لهذا الانخفاض في السعر العالمي وفي أسعار العملة الأوروبية تأثيراً يُذكر على الإقتصاد الأردني .
انخفاض الأسعار تزامنَ أيضاً مع انخفاض في أسعار العملة الأوروبية بإعتبار اوروبا الشريك الأساسي للأردن على وجه الخصوص وللعالم العربي عموماً،حيث واصل اليورو انخفاضه مما عزز الإقبال على الصناعات الأوروبية وهذا سيجعل السوق الأوروبية المُشتركة تتمسك بسعر الصرف الجديد لتعزيز صادراتها ودعم اقتصادها بإعادة أسواقها التي كادت أن تفقدها لارتفاع سعر اليورو .
وعودة للسوق الأردني في ظل هذه المُعطيات من الطبيعي أن ينعم المواطن الأردني بتحسن مستوى معيشته لارتفاع دخله الحقيقي بسبب هذا الانخفاض ، فلماذا لم يلمس المواطن الأردني هذا الانخفاض؟؟!! ولماذا تتعالى أصوات الضجيج والشكوى لكل الفئات وعلى كل المستويات؟؟!! لاشك أنه ليست هناك إجابة لهذه الحالة إلا إجابة واحدة فقط وهي الإدارة الخاطئة للشأن الإقتصادي وعدم القدرة على انتهاج سياسة اقتصادية قادرة على مساعدة المواطن بعد أن اصبح جيب المواطن هو المُستهدف من كافة السياسات و الإجراءات التي تُمارسها وتتخذها الحكومة لتتحول الحكومة بإعترافها إلى حكومة جباية صاحبَ ذلك غياب الرقابة الحقيقية على الأسعار واحتفاظ التجار والصناعين بهوامش الربح المعتادة ونقل أي أعباء ضريبية مباشرة إلى المستهلك ، عدا عن الأثر النفسي الذي يُسبب عزوف المستهلك عن شراء السلع نتيجة احساسه بالعجز المتواصل عن تلبية احتياجاته الأساسية بعد أن اكتوى في السنوات السابقة بنار الأسعار بحجة ارتفاع أسعار النفط ، ومنعته السياسات الحكومية من التمتع بالانعكاسات الإيجابية لانخفاض أسعار السلع والخدمات بعد انخفاض الأسعار بسبب تمويل عجز الموازنة وغياب الرقابة على الأسواق سواء على الأسعار أو على جودة المنتج وغياب مفهوم حماية المستهلك من القاموس الحكومي، ولا نلوم الحكومة وحدها فغياب دور البرلمان الرقابي يُعطي الحكومة هذه المساحة من الإسترخاء في ظل غياب كبير لدور الجمعيات والتعاونيات في الإقتصاد الأردني .