من قصص الأربعينية !حلمي الأسمر
27-12-2015 02:26 AM
«قصة حدثت معي أثناء الدوام الأسبوع الماضي، دخلت الصف، الحصة الأولى، فإذا طالب بالصف الثالث يلبس بلوزة نص كم والجو بارد جداً فحكيت له: الجو برد إلبس جاكيتك، في حد يلبس نص كم بهيك جو؟ ما رد علي، أنا بفكر انه معه جاكيت وشالحه أو حاطه بالشنطه فرجعت سألته يا أستاذ وين جاكيتك الجو برررد الصبح، درجة الحرارة تقريباً صفر فقال لي: نسيتها بالساحة، حكيت له: روح جيبها إلبسها، طلع يجيبها راح ع الصف الخامس ورجع لابسها! بالصدفة مررت بالصف الخامس، وإلا في واحد لابس بلوزة نص كم! ناديته ع جنب حكيت له: ليش بس هيك الجو برررد؟ حكى لي انا واخوي بنداوم بجكيته وحده، هو يلبسها حصة، وأنا ألبسها حصة، ما في عندنا الا جاكيته وحده!» تلك قصة قصيرة جدا، بعثت بها لي إحدى القارئات، كانت قرأتها على صفحة أحد المعلمين على «فيسبوك» ولا أعتقد أن فيها أي مبالغة، فنحن مجتمع «مخبأ بقشة» كما يقال، أو «من بره هالله هالله، ومن جوه يعلم ألله» ومن يسمع مسؤولينا يقول أن البلد بألف خير، وما هي كلك، فما يعلم بأحوال الأسر المستورة إلا رب العباد! تلك قصة تعيدني إلى سنوات مضت، حين كتبت عن صوم داود الأردني، وتلك قصة جارحة، ولكن لا بأس من قراءتها مرات ومرات، داود (وهو اسم مستعار أطلقته عليه) فتى ابن الثالث ابتدائي سقط مغشيا عليه في الصف، وسط دهشة التلاميذ والمدرسين، حملوه إلى الطبيب، أجرى له عملية إسعاف أولية، حينما أفاق بكى، سأل الطبيب: ما قصتك يا بني؟ ولم تعاني من كل هذا الهزال؟ قال الفتى داود : لا شيء يا دكتور! قال الطبيب: ولكنك تعب جدا! قال الفتى: نعم يا دكتور، أنا تعبان وجائع! قال الطبيب: ولم يا بني؟ قال الفتى: لأني صائم! صائم؟ سأل الطبيب! في هذا اليوم؟ وهو ليس عاشوراء ولا يوم وقفة عرفات ولا اثنين ولا خميس، ولا رمضان، لم أنت صائم؟ قال الفتى: أنا أصوم يوما وأفطر يوما! لم يصدق الطبيب أذنيه! تقصد صوم النبي داود؟ سأل الفتى: من داود يا دكتور؟ أبي اسمه عباس! أبي هو الذي يأمرنا بالصوم! قال الطبيب: يأمركم؟ من انتم؟ وما القصة يا فتى؟ إجلس وحدثني بهدوء! كم اخا واختا أنتم؟ واين تقيمون؟ قال الفتى: أبي يقسمنا قسمين، القسم الأول يصوم يوما، والقسم الثاني يصوم يوما آخر! رفع الطبيب حاجبيه، سأل باستغراب: ما فهمت، تقصد أن أباك يفرض عليكم أن تصوموا يوما بعد يوم؟ ولماذا؟ هل هو رجل متدين جدا إلى هذا الحد؟ قال الفتى: متدين نعم، لكن الصيام ليس بسبب الدين! قال الطبيب: بسبب ماذا يا ابني!؟ قال الفتى: الجوع يا دكتور، أبي لا يستطيع أن يطعمنا كل يوم! فيقسمنا إلى قسمين، قسم يأكل يوما وقسم يأكل يوما آخر! هاتان قصتان، تصلحان للرواية، خاصة في الليالي الطويلة، وأبناؤكم ينعمون بالدفء والشبع، ونحن في مقتبل أربعينية أو «مربعنية» الشتاء.. ولن أزيد! |
الاسم : * | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : * |
بقي لك 500 حرف
|
رمز التحقق : |
تحديث الرمز
أكتب الرمز :
|
برمجة واستضافة