لماذا تغيب الرواتب عن حديث الاقتصاديين !!
سميح المعايطة
27-12-2015 12:50 AM
رجال الاقتصاد في الحكومة واجهزتها يحاولون إقناع الأردنيين ان مسيرة الاقتصاد الاردني خلال السنوات الأخيرة كانت ايجابية وأنها استطاعت انقاذ بُنية الاقتصاد من سقوط ودمار.
هذا خطاب تختلط فيه السياسة بالاقتصاد، كما أن قبوله من الناس وحتى أهل الاختصاص يتم بمنظار سياسي احياناً، وأحياناً منظار اقتصادي، وكلا الطرفين الحكومة والرافضين لسياستها عيونهم على رضى الناس ،وطبعاً سينحاز الناس لأي رأي أو موقف يرفض أو يعارض السياسات الحكومية حتى وإن كان في داخله نوع من القناعة أن سياسة الحكومة ساهمت في حماية بنية الاقتصاد من الخيارات الصعبة.
ولعل موقف الناس الرافض أو على الأقل المتحفظ على سياسات الإصلاح الاقتصادي يعود لسبب أساس، أن كل هذه السياسات والتي تتبناها الحكومات منذ ربع قرن حتى الآن كانت تنظر إلى هدف وحيد وهو تنفيذ برامج إصلاح تجنب الاقتصاد الاردني مشكلة كبرى مثل كارثة انخفاض سعر الدينار، وكان الالتزام بالسياسات التي تقدمها المؤسسات المالية الدولية هاجس لكل حكومة، وحتى ما كان يقدم للمواطن من تعويض نقدي عن سياسات رفع الدعم لم يكن دافعه اقتصادي بل سياسي ولغايات تمرير القرارات.
وما كان غير حاضر في مسار الحكومات هو النظر إلى المستوى المعيشي للمواطن وعنوانه الراتب والدخل وبخاصه لمنتسبي القطاع العام من عاملين ومتقاعدين، ولهذا تشكل في وعي الأردنيين قناعة بأن كل سياسه اقتصاديه ستترك اثارها على حياته وقدرته على الحياة الكريمة، والسبب أن الحكومة كانت مخلصة في تنفيذ برامجها الاقتصادية لكن دون النظر الى رواتب الناس، وحتى الدعم النقدي فقد كان مؤقتاً ويختفي دون مقدمات وهذا منذ دعم الخبز وكوبوناته في منتصف التسعينات وحتى آخر دعم في عهد هذه الحكومة.
وحتى هدف محاربة الفقر والبطالة فإن أهل الاقتصاد في الحكومات تناسوا أن الفقر يزيد كلما توقف نمو الرواتب بينما يتسارع الغلاء وزيادة الأسعار في كل المجالات، فاليوم مثلا راتب موظف الحكومه والمتقاعد ثابت دون اي زياده منذ عام ٢٠١٠، وآخر زياده كانت مع بداية الربيع العربي في عهد حكومة سمير الرفاعي وكانت ٢٠ ديناراً، وكانت في حينها إجراء سياسي وليس اقتصادياً، لكنه في المحصلة شكلت إضافة ولو محدودة على الراتب، لكن الرواتب ثابتة منذ ذلك الوقت والغلاء يزيد أي أن الفقر يزيد.
التوازن غاب عن مسارات الإصلاح الاقتصادي لان الغاية كانت انقاذ الاقتصاد من الكوارث، لكن ما يتعلق بالناس ورواتبهم أي قدرتهم على امتلاك اساسيات الحياة كان العنصر الغائب الذي لا يجب اهل الاقتصاد في الحكومات الاشارة اليه، لهذا فان كل عمليات الدفاع والتبرير والتوضيح من الفريق الاقتصادي لأنجد صدى عند الناس حتى وان كان منطقها الفني قويا، لان الناس ليسوا خبراء اقتصاد ومقياسهم الأساس في تقييم السياسات الاقتصادية هو ما يدخل جيوبهم وكيف يمكنه أن يوفر لهم اساسيات الحياة.
عاماً، بعد عام تنسى الحكومة رواتب الناس وحتى ما يطرأ على رواتب متقاعدي الضمان فهو رمزي جداً، بل مثار سخرية الناس، ثم يريدون من الناس أن يقفوا إلى جانب سياسات تجاهلت الراتب سنوات، وتركت الغلاء ينمو كما يشاء.