لو لم تكن هناك حرب في سوريا، لربما لم نكن لنرى تنظيم داعش، ولربما لم نكن لنرى التدخل الإيراني العسكري في شؤون المنطقة، ولربما لم نكن لنرى الحملة الجوية الروسية، ولربما لم نكن لنرى السعودية تسابق الزمن لقطع الطريق على تمدد النفوذ الشيعي - الفارسي في سبع دول عربية على الأقل، بعضها محتل جزئيا من قبل القوات الإيرانية.
وسواء اتخذ الوجود الإيراني شكل التمترس الحربي المباشر، كما في العراق وسوريا واليمن ولبنان، أم شكل الغزو السياسي والفكري المرتكز على تصدير مبادئ ثورة الخميني إلى كل مكان يمكن الوصول إليه في العالمين العربي والإسلامي وخاصة الخليج، فإن من حق الرياض أن تقلق بشدة، وأن تصد الإيرانيين بكل السبل الممكنة ومنها التحالف العسكري الإسلامي الموسع الذي أعلنت قيامه قبل أيام.
الهدف المعلن لهذا التحالف هو محاربة البؤر الإرهابية الداعشية وغيرها في دول التحالف الجديد، أما الهدف الثاني والأكثر أهمية فهو التصدي للجحافل المعادية التي بدأت فعلا بمد أرجلها على خريطة الجسد العربي المنهك، ما حرك الملك لاستحضار الأمة الإسلامية كافة والتي يشكل السنة »85 بالمائة« منها، إلى ساحة المعركة، ليس من خلال الجند فحسب، وإنما بالدعم السياسي والمعنوي أيضا، بنية إقامة سد منيع يصعب على الأعداء والخصوم اختراقه.
وإذ تتشكل معالم تطاحن حاد بين الرياض وطهران على نفوذ إقليمي يمتد من اليمن إلى لبنان، يقول المحلل السياسي السعودي جمال الخاشقجي إن الرياض ناشطة جدا هذه الأيام،لأن النزاع السوري يقترب حسب توقعه، من خاتمة محتملة.
وسواء كانت الخاتمة في المتناول أم لا، فقد تزايدت المخاوف السعودية من تنامي نفوذ طهران، في أعقاب الاتفاق النووي الذي سيسفر عن تخفيف العقوبات الدولية عليها، وبالتالي ضخ أموال هائلة تساعدها على مواصلة مشروعها التوسعي.
وتجدر الإشارة إلى تبني القيادة السعودية، سياسة الاعتماد على الذات، بعد أن خذلها أوباما وبوتين اللذان لم ينتقدا البتة الاستراتيجية الإيرانية المفصلة لابتلاع أكبر قدر ممكن من التراب العربي. كما لا تخفي الرياض رغبتها في جمع حلفائها وأصدقائها وعلى الأخص الدول الإسلامية الخمسين، قبل أن تتخلص طهران من القيود المالية المفروضة عليها، والتي بوشر بتقليصها تدريجيا بعد توقيع الاتفاق النووي.
في هذا الإطار، تنسب وكالة الأنباء الفرنسية إلى دبلوماسيين غربيين قولهم إن السعودية استبدلت سياستها الخارجية الهادئة لصالح مقاربة هجومية أكثر حيوية في المجالين الإقليمي والدولي، وأن الملك سلمان نفسه يدفع بقوة نحو تبني هذه المقاربة وتنفيذها فورا.
الوطن