عقلانية القانون ونهج الجباية والاستقرار
د.مهند مبيضين
24-12-2015 02:24 AM
يقول ج. و بورجس في كتابه (قداس القانون): “بأن الناس أقاموا واجب الطاعة على سندين، السند الأول: هو شرعية السلطة التي تعوّد الناس أن يروا القانون صادراً عنها سواء أكانت هذه السلطة مستمدة من تكليف إلهي أم من حق دستوري أم من اتفاق تعاقدي بين الحاكم والمحكوم. والسند الثاني: هو عقلانية محتوى القانون أي قيمته الذاتية من حيث هو قانون ومدى إسهامه في نظام القيم او فلسفة المجتمع التي يؤمن بها الناس".
اليوم يمكن استعادة السؤال عن القيمة التي يضيفها القانون على حياة الناس، لكن للأسف الكثير من سكان الأردن يرون القانون لا يطبق على الجميع بعدالة، ثمة خروقات في البعثات العلمية وفي التعينات العليا وفي العطاءات وفي التسويات المالية وفي عمليات الشراء وفي صرف الأدوية وفي معاملات الـتأمين برمتها، هناك شعور بأن ما يطبق بقوة القانون هو فقط عملية دفع الرسوم، أي جباية المال الذي يقول رئيس الحكومة أنه نهج حفظ استقرار البلد.
في البلد أيقاع مخيف، في تطبيق القانون، وفي التحايل وفي القدرة على ممارسة النفوذ والعصيان على تطبيق سلطة القانون، تهربمن دفع المستحقات عند كثيرين، إعلان يومي عن سرقات مياه وكهرباء وسيارات، مسؤولون سابقون ممن لا يدفعون فواتير الكهرباء والماء، هم من ضمن قوائم التمرد على القانون ممارسة تغلفها رغبات “ التنمر” على الدولة.
في المقابل لا يوجد من يدرك صعوبة التحولات التي تجري في هذا المنحى، منحى القانون والحياة اليومية والشعور بقوة القانون ومحتواه في تنظيم حياة الناس، القانون الذي ينظم العلاقة والقانون الذي يخلق العدالة، والقانون هنا قد لا يكون مجرد نصوص بل قد يكون شكلاً من أشكال الممارسة التي اعتادها الناس وتصرفوا على أساسها بمقتضى العرف أو وفق تعاليم الدين.
المواطنة تغيب في الأردن، الحس بالحق السياسي وبالواجب قليل وذلك مرده لغياب العدالة، يقول هارولد لاسكي في كتابه (قواعد السياسية) :” إن المواطن يطيع القانون الذي يتفق مع حسه بالعدالة ويظل هناك خطر متربص يضعف من القابلية لطاعة القانون واحترامه وهو خطر الشعور بوجود استغلال اقتصادي وخاصة حين يشتد هذا الشعور في فترة الأزمة او التدهور الاقتصادي وهذا الخطر على النظام الاجتماعي هو بصورة أعم المعضلة التي تواجهها اشد ما تواجهها المجتمعات متعددة الفئات".
نعم هناك خطر على النظام الاجتماعي، هناك فقر في بضع صور، وطلبة في الجامعات يأخذون من الغير لتوفير الأكل، هناك سؤال يتردد ماذا تبقى من المال كي ننفق؟ هناك قرى يلعب بشبابها المروجون وبائعو المخدرات والافكار المتطرفة، هناك كتلة صامته لكنها على وشك الغضب، فإذا شعرت مختلف الفئات بالحرمان والتهميش وفقدان القدرة عل التغيير في حياتها وبالمشاركة الحرة، فإنها ستنظر إلى الدولة من خلال حكومتها على أنها سبب تعاستها؛ لأنها حامية الجميع فتتمرد على القانون وعلى الدولة وتستبيح كل الأفعال وتشرعها.
الدستور