ضعف القيمة الشرائية للدينار
المحامي الدكتور هيثم عريفج
23-12-2015 01:57 PM
ابتدأت الحكاية عندما اطلق دولة رئيس الوزراء تصريحه الشهير، اما رفع الدعم عن المشتقات النفطية واما خفض قيمة الدينار وربما انهياره، وقتها كان التبرير الوحيد لرفع الدعم هو حماية الدينار وبالتالي الاقتصاد الاردني بشكل عام.
اذكر الرعب الذي اصاب الجميع من امكانية تكرر ما حدث في العام 1988 ومن المشاكل الاقتصادية والاجتماعية التي نتجت عن ذلك الخفض المفاجئ للدينار.
اقتنع البعض بالمبررات التي اطلقها دولة الرئيس في حينه، ولم يقنتع البعض الاخر وذهب بعيداً في احتجاجاته، الا ان الحكمة التي ادارت بها الاجهزة الامنية الازمة وانتماء المواطن الذي خرج للشارع محتجاً وخوفه على مستقبل بلده من ان ينزلق الى ما ذهبت اليه دول الجوار والوحدة الوطنية التي تجلت في ابها صورها انقذ الموقف. ومر قرار رفع الدعم، وما تلاه من قرارات رفع اخرى نفذ بعضها وما يزال البعض الاخر في الادراج ينتظر الدور، وهناك من القرارات ما لم نتوقعه بعد.
كل ذلك ادى الى زيادة معدل التضخم التي تجاوزت الحدود المعقولة والمتوقعة، مما يعني هبوط كبير في القوة الشرائية للدينار الاردني، هذا يعتبر تخفيض للدينار الاردني الذي هدد به دولة الرئيس.
لقد خفض دولة الرئيس قيمة الدينار دون قرار رسمي، وبذات الوقت ما يزال التهديد يحيق بالدينار والاقتصاد الاردني بشكل عام، برغم رفع الاسعار الى معدلات لم يعد بامكان المواطن احتمالها بالاضافة الى تضاعف الدين العام ووصوله الى ارقام قياسية برغم كل قرارات الرفع.
لا نزال نعيش في النفق الاقتصادي المرعب، الاقتصاد على شفى حفرة، والدينار مهدد لولا ستر الله ورعايته لهذا البلد، اضافة الى وعي المواطن وايمانه بان هذا الوطن له ولابنائه ولمستقبلهم.
والسؤال الذي يطرح نفسه ما الحل ؟
لا ادعي اني خبير اقتصادي، لكن اعتقد ان هناك خطوط عريضة يجب على الحكومة رسمها لايجاد حل مقتع ينقذ الموقف، ويوقف هدر موارد الوطن كما يوقف النزيف الذي يصيب موارد المواطن الضعيفة.
الحل يكمن في صياغة مشروع اقتصادي قومي متكامل، ينهض بمؤسسات الدولة و بمشاريعها الإنتاجية تحديدا، لا ان يبقى نظرنا موجه الى المشاريع الاستهلاكية رغم اهميتها وضرورتها، لكننا نطالب بالموازنة بين تلك المشاريع وبين الانفاق في سبيل بناء مشاريع اقتصادية كبرى تدر دخلاً للوطن وللمواطن وتخلق فرص عمل كريمة له، وتحديداً في قطاع السياحة والطاقة الشمسية واستغلال المساحات المخدومة بالمياه لغايات الانتاج الزراعي.
محاربة الفساد، واعادة الاموال المهدورة او المنهوبة وملاحقة الفاسدين، بالاضافة الى ايقاف الهدر في موارد الدولة ونفقاتها وترشيد الاستهلاك و توجيه قانون الضريبة ليصيب الفئات الواجب ملاحقتها مثل قطاع البنوك وشركات التأمين وكبرى الشركات، وتحصيل الضريبة من الجميع على قدم المساواة كلها ستكون وسائل انجع لحل المشاكل الاقتصادية.
الحكومة مازالت تراهن على صبر المواطن، وعلى ان الشارع لايرغب بالتصعيد حباً في هذا الوطن وقيادته وحفاظاً على امنه، الا ان هذا الرهان قد يبدأ يعطي مؤشرات خطيرة ان استمرت السياسات الاقتصادية على نفس النهج، ولن تصمد في الاصوات الرسمية التي تتذرع بالامن وتبرر القرارات الاقتصادية الصعبة والتضييق على الحريات في وجه الجوع الذي بدأ يتسرب الى البطون الخاوية، اضافة الى الاصوات التي ترتفع مطالبة بنقل الامر الى سيد البلاد للتدخل بشكل شخصي لانقاذ المواطن من ضنك العيش الذي يصيبه.
على الحكومه ان لا تتغول ولا تتوغل فيما تقوم به اكثر من ذلك، بل عليها ان تغرس روح الانتماء والتضحية في المسؤولين لا فقط في المواطنين، وان تجعل الجميع يتعامل على اساس ان الوطن هو بيته الكبير، لا مزرعة لجارة يحاول التكسب منها قدر المستطاع، عليها ان تغرس في الجميع حب واحترام القانون وتقدير اهميته، واحترام حقوق الاخرين وحرياتهم التي لا تجاوز القانون والاعراف.
ان المواطن الاردني وبدافع من انتمائه وحبه للاردن على استعداد للتضحية من اجل والوطن ومن اجل ضمان تقدمه وازدهاره، شرط ان يشعر ان الحكومة تقوم بما عليها من واجب بشكل منطقي يراعي امكانية الوطن والمواطن ويراعي احقاق العدل والمساواة في كل نواحي الحياة.