عمون - ماجدة المعايطة - حتى لو لم نستضف موجات اللاجئين من دول الجوار الشقيقة، فإن الانفجار السكاني لدينا حاصل بكل ما يلقيه على الناس والدولة من أعباء معيشية اضافية.. والسبب ببساطة هو معدل الخصوبة او نسبة الانجاب التي تعتبر من الأعلى بين الدول العربية.
بالأرقام: معدل الولادات عندنا هو طفل جديد كل ثلاث دقائق، حسب المقياس الأممي "الارض تتنفس".
عام 1961 كان عدد سكان المملكة اقل قليلا من مليون نسمة. وفي التعداد السكاني لعام 2007 وصل العدد 5,7 مليون. واليوم مع التعداد الذي ستتاح ارقامه للناس في شباط القادم فإن عدد الاردنيين المحكي عنه هو في حدود سبعة ملايين.
أي ان العدد تضاعف سبع مرات في خمسة عقود تقريبا وهي زيادة انفجارية سببها الوحيد هو ارتفاع في نسبة الخصوبة وتركها للتساهيل والامزجة الاسرية. نفعل ذلك دونما اي اعتبار للاعباء الاقتصادية والاجتماعية التي يتشارك الناس مع الدولة في تحميلها لانفسهم وفي دوام حالة الشكوى وتحولها لدينا الى طقس عام مستدام
مطالع ستينات القرن الماضي كان متوسط عدد افراد الاسرة الاردنية 5,6 أشخاص. ومع ارتفاع معدل الخصوبة وصل متوسط عدد الاسرة عام 79 الى 6,7 شخص. لكنها مع تفاقم الاعباء المعيشية وارتفالع تكاليف السكن والتعليم والغذاء عادت وانخفضت الى 5,4 . ومع ذلك ما زال عدد افراد الاسرة الاردنية – في المتوسط- أكبر من ان يعيله راتب الاب او راتب الزوج والزوجة معا.
في مسح نفقات الاسرة الاردنية ما يفيد بأن معدل انفاق الفرد حاليا يقارب 1800 دينار بالسنة اي ان متوسط حاجة الاسرة الاردنية يقارب عشرة آلاف دينار او حوالي 800 دينار شهريا، وهو معدل لا يتحقق الا لنسبة متواضعة من الموظفين. ولنا ان نتخيل كيف يمكن لراعي الاسرة أن يتدبر بيته ويتعايش مع الانفلات المضطرد في تكاليف تعليم الابناء ومصاريفهم قبل ان يتخرجوا ويدخلوا متاهة البحث عن وظيفة شحيحة.
موضوع التحكم بعدد الاطفال وحجم الاسرة مسألة أشد أهمية من أن تترك سائبة. فأي خطة حكومية للتنمية، خمسية كانت ام عشرية، لا يمكن أن تكون موضوعية وقابلة للتنفيذ إن لم يتم تخفيض معدل الانجاب في البلد. كذلك الامر مع برامج محاربة الفقر والبطالة. فماذا تفعل نسبة نمو 3% مثلا إذا كان عدد الافواه التي تنتظر الاكل، يتزايد سنويا بحوالي 5,5%؟
ليس مطلوبا من الدولة، ولا بمقدورها أن تفرض على الناس تحديد "الخلفة "كما تفعل الصين. لكن الحكومة تستطيع ان تجعل من اولوياتها التنموية أن تنشر ثقافة الصحة الانجابية. والاهم من دور الحكومة في هذا الخصوص هو دور منظمات المجتمع المدني والنفع العام والتي يزيد عدد اعضائها عن النصف مليون. هم قبل غيرهم مسؤولون عن نشر التوعية الانجابية وبالذات في المحافظات، وعن شرح وتوضيح مغبات هذا الانفجار السكاني في الذي يعني ان مستويات معيشتنا ستظل متدنية أو تتراجع، ولا نفعل في المقابل سوى ارتفاع وتيرة ولغة الشكوى.
مطلوب توعية عامة وبالأرقام تقول أن سنّة الخلق لا تتضمن توريث الفقر ، وإنما نحن الذين نصنع فقرنا ونورثه لأبائنا الذين نضاعف اعداهم وطلباتهم فوق الحدود التي نستطيع تحملها.