"سنة أخرى تمضي وأنت ما زلت معلقا في مدى الحيرة والتية" * ، وهاهي سنة ٢٠١٥ تقترب من نهايتها والأيام تتدحرج ككتلة ثلج ثم تذوب وتختفي .. وتسأل نفسك كم أضفت من أصدقاء في عالميك الحقيقي والإفتراضي وكم محب بقي وكم نزفت من آخرين خلعتهم كضرس رغم الألم والقهر .. وكم ودعت في هذه السنة التي تجر ثوبها بخجل كم ودعت على عتبات المطارات وكم أودعت بعضهم في تراب المقابر وذهبوا بلا عودة ... والأهم من غادروا شرفات القلب ثم قضوا .. وكم بقى من كلام كنا نتمنى أن نقوله لهم لكن فات الأوان ..
كم زادت تجاعيد وجهك والعمر يمر كغزال شارد وتقول المهم أن تخلو الروح من التجاعيد وأن يبقى القلب صافيا من الهالات السوداء ... وكم خبأت شعرة بيضاء نفرت على جبينك حين تأملت نفسك في المرآة صباحا وتقول وتكذب على نفسك :هل نخبئ أعمارنا فما السنيين إلا أرقام ... وكم زاد وجع مفاصلك وأنت تسرق مضادا من الثلاجة ليلا بعيدا عن أعين من تحب .. أو تتأكد من نظارة عينيك ققد زاغ البصر وتراجع مع بياض الكتب .
سنة تمر وتشعر أن أمنياتك وأحلامك بدأت تشيخ وأقدامك صارت أكثر ثقلا والحماسة تخبو والأولويات تتراجع ولكن تقول " لا بأس يا شيبي فما زال الحصان بداخلي"**.
سنة تمضي وصرت أكثر حرصا على الحياة وتصحو مفزوعا لتتحسس قلبك وقد مرت به نغزة فيكتسيك الخوف لكن تغمض عينيك وتقول : كله بأمر الله ... سنة تمرّ والصغار يكبرون واحلامهم تكبر معهم وتقول أنا المسؤول عنها فليت الأيام تمنحنا متسعا لنحققها لهم .. " وليت الغضا ماشى الركاب لياليا " *** .
سنة تمضي وعمان تكبر أكثر وتزداد سمنة لم تعد تلك الفاتنة الرشيقة رغم كل المساحيق التي حاولوا مسؤوليها تجميلها .. الشوارع تفيض ببشر كالآلآت .. والدفء بالقلوب ينحسر والإنسانية تتراجع .
سنة تمضي والدم هو سيد العام ينزف في الشوارع وفي الفضائيات يزداد شريط الأخبار العاجلة إحمرارا وأصبح معه الفرار من الموت أقصى طموح أطفال فلسطين وسوريا واليمن والعراق وليبيا.. والشهداء يزدادون ويصعدون إلى الله ويلعنوننا كل فجر لأننا خذلناهم .
سنة جديدة ستأتي وتطل ونأمل من الله أن تكون سنة خير ومحبة وأملنا بالله كبير وبكرمه وبعفوه أن يكتب لنا ومن نحبه ولبلدنا الخير في كل أيامنا القادمات .
*واسيني الأعرج
**حبيب الزيودي
***مالك بن الريب