عندما تذرف دموع الرجال فاعلم أن المصاب جلل، تماما كتلك التي ذرفها الزميل أحمد حسن الزعبي فور سؤال مذيع قناة اليرموك الزميل عمر العياصرة عن "كرمة العلي" والدة الزعبي والتي انتقلت الى رحمة الله قبل نحو العام..
الزعبي والذي لطالما صنع من الألم لوحة كوميدية ليرسم خلالها البسمة على وجوه الأردنيين أبكانا هذه المرة ، فعاطفة الزعبي كشفت سر نجاحه وتوفيقه، ودموع شوقه لمحبوبته كانت ترجمة واضحة لمعنى الابن البار .
نسج الزميل الزعبي بحروف أردنية رمثاوية بساطا أحمديا "زركشت" ألوانه ابتهاجا بالمارين عليه، بساطا صوَر لنا من خلاله ذاك الطفل المشاكس الذي ترقبه أعين أمه خوفا عليه ما إن همّ بملاحقة الفاسدين أو رسم ملامحهم على جدران البيت، ظلت ترقبه أعينها ليكون ابنا بارا للوطن لا عاقا به.. ذاك البساط الأحمدي، جسّد لنا أُماً بحجم الوطن، صاغ لنا "كرمة العلي" شعرنا بها وبروحها وببساطتها فأحببناها من دون إذن، حتى أننا صرنا نبحث عنها بين سطور الزعبي لنشتم الماضي العريق والريح الطيب.
كرمة العلي ذاك الاسم الذي رافق معظم مقالات الزعبي كان بمثابة الختم السلطاني على ما يخطه من رسائل عميقة مبكية في ثنايا مقالاته المضحكة، بل كان صوت الضمير الهامس بأذنه بأن " يُمه يا أحمد".. " لا تكن شيطانا أخرس".
رحلت كرمة العلي لدار الحق وظل عملها الصالح يدعو لها ، فبذكاء ولدها وبرّه صرنا جميعا أحمد حسن الزعبي فما ان مر اسمها بأي مقال قلنا فورا رحمك الله يا كرمة العلي ، فما بين "غطيني" يا كرمة العلي و"ضميني" يا كرمة العلي نقل الزعبي آلاف الكلمات والأوجاع بقلمه وبلسان حال الأردنيين، فصار ابن كرمة العلي ابن الأردنيين البار، وصارت كرمة أم الأردنيين جميعا.