لو لم يورَّط «الأصدقاء»!! الروس بلدهم وجيوشهم الجرارة في المستنقع السوري فلكان رصيدهم العربي على صعيد الدول أفضل بألف مرة من رصيدهم الحالي ولما اقتصر رصيدهم على صعيد الأفراد إما على بعض المناكفين وعلى أساس: «خالف تعرف» أو على بعض الذين ما زالوا يعتقدون أن روسيا هي الاتحاد السوفياتي وأنَّ فلاديمير بوتين هو خليفة فلاديمير إلتش لينين وأنَّ الماركسية – اللينينية سوف تعود إلى ما كانت عليه قبل أنْ يذبحها ميخائيل غوربا تشوف من الوريد إلى الوريد ويدفنها بوريس يالتسن في واحدة من أبشع وأسوأ مقابر التاريخ وبحيث لم يعد يُذكرِّ بها إلا بعض حملة النياشين السوفياتية الذين بات يثير ظهورهم في المناسبات القديمة الابتسامات الشامتة.
لا يؤيد روسيا الآن على صعيد الدول إلَّا إيران ومعها نظام بشار الأسد فحتى العراق, الذي من المفترض أنه يضع إحدى قدميه في «البُور» والأخرى في الفلاحة وإنه يقف على مسافة واحدة بين موسكو وواشنطن, سمعنا قبل أيام من وزير خارجيته كلاماً ضد روسيا يدل إمَّا على أن ما بين الروس والإيرانيين بات ينطبق عليه ذلك المثل القائل: «ما صنع الحداد» وإما على أن الأشقاء العراقيين قد طفح كيلهم وأنهم أصبحوا غير قادرين على تحمُّل الإهانات الإيرانية وآخرها ما قاله علي أكبر ولايتي في اجتماع عسكري وهو: «إنَّ تدخلنا في العراق وسوريا هو دفاع عن (عِرْقنا) القومي... وإيران ستنطلق بحريّاً لتزيد حدودها لأن الهيمنة البحرية مهمة لنا» !!
ربما أن الروس لا يعرفون.. ويقيناً أنهم يعرفون أنَّ حتى أصدقاءهم وأتباعُهم, وأولهم حسن نصر الله ذلك الذي أعلن ذات يوم قريب أنه «يفتخر» أنه مقاتل في فيلق الوليِّ الفقيه, يُحمِّلونهم دم سمير قنطار الذي قُتل أمس الأول بغارة جوية إسرائيلية على مقره في منطقة «جرمانا» في ضواحي دمشق والمعروف أنَّ عماد مغنيه الذي كان يعتبر أكبر القادة الميدانيين في حزب الله كان قد أغتاله الإسرائيليون بمتفجرة في سيارته في مقر المخابرات السورية في كفر سوسة في 12 شباط (فبراير) عام 2008 وأن ابنه جهاد قد قتله الإسرائيليون أيضاً قبل فترة في منطقة القنيطرة.. التي لا يزال معظمها محتلاً رغم أنَّ هناك حرب تشرين (التحريرية) !!
إن المعروف, وهذا كان أعلنه الرئيس فلاديمير بوتين بـ «بعظمة» لسانه, إنَّ أكبر وأهم تحالفٍ في هذه المنطقة وفي الشرق الأوسط بأسره هو التحالف الإسرائيلي – الروسي وأن هناك, بناءً على هذا التحالف, غرفة عمليات روسية – إسرائيلية مشتركة وأن نائب رئيس الأركان الروسي يمثل الجيوش والاستخبارات الروسية فيها في حين أن نائب رئيس الأركان الإسرائيلي يمثل الجيوش والاستخبارات الإسرائيلية .
فماذا يعني هذا..؟ إنه يعني أن الروس وعلى أعلى المستويات كانوا على علمٍ مسبق بعملية اغتيال سمير قنطار الذي لا شك في أنَّ وجوده في «جرمانا» في ضواحي دمشق كان بعلم الأجهزة الأمنية السورية وبتكليف منها والسؤال المنطقي هنا هو: لماذا يا ترى لمْ تُبلغ الاستخبارات الروسية شركاءها وحلفاءها السوريين بنوايا الإسرائيليين إذا كانت لا تثق لا بحسن نصر الله ولا بحزبه.. ثم لماذا لم تتحرك الأجهزة الأمنية السورية لإنقاذ هذا القائد الميداني في حزب الله إذا كان قد أبلغها الروس مسبقاً بهذه العملية ؟!
إن الإجابة على هذه الأسئلة ستبقى أسراراً إلى أن يزول هذا النظام, نظام بشار الأسد, .. عندها فإن ما حصل مع الأوراق السرية لأنظمة أطاحتها شعوبها سوف يحصل.. وسوف يعرف الشعب السوري والعالم بأسره لماذا بادرت قاذفات الـ (سوخوي) الروسية إلى ارتكاب المجازر البشعة التي ارتكبتها في ريف حماه وفي ريف إدلب بينما كانت الطائرات الإسرائيلية في طريقها إلى جرمانا ليتحول المبنى الذي يقيم فيه سمير قنطار وبعض مساعديه إلى أكوام من الأتربة والحجارة !! .. فهل يعرف الروس هذا ؟!
الرأي