التحالف الإسلامي والمهمة المنتظرة
د. هايل ودعان الدعجة
21-12-2015 02:27 AM
يبدو ان هناك مؤشرات على وجود نوايا دولية جادة هذه المرة لمحاربة الإرهاب بعد اتساع نطاق العمليات الإرهابية وارتداداتها وتداعياتها التي شملت معظم دول العالم. وبدا ان الدول العربية والإسلامية معنية اكثر من غيرها من الدول للاضطلاع بدورها ومسؤوليتها في التصدي لهذه الافة الخطيرة ، ردا على من يحاول الصاق الإرهاب بالإسلام من جهة ، وحماية حدودها وامنها من خطر التنظيمات الإرهابية التي تستهدفها من جهة أخرى.
إضافة الى منع التدخلات الخارجية بشؤونها الداخلية و«السيادية» بحجة محاربة الإرهاب على ارضها ، بطريقة أحدثت ثغرات واختراقات في جدار منظومتها الأمنية والعسكرية والحدودية ، وأصبحت بعض الأطراف الدولية والإقليمية ، كالولايات المتحدة الامريكية وروسيا وايران ، وتحت هذه الذريعة تستبيح ارضها وسماءها لتحقيق مصالحها واطماعها وتوسيع مناطق نفوذها.
ولأنه لا خيار امام الدول العربية والإسلامية المعنية ، الا ان تقتلع شوكها بيدها دفاعا عن نفسها ودينها وكرامتها ، كان لزاما عليها التعاطي المسؤول مع التحديات التي فرضت نفسها على المنطقة ، حيث قامت بتشكيل التحالف العسكري الإسلامي بهذا الحجم وبهذا العدد الكبير من الدول ، بعد ان ثبت عدم جدوى العمليات الجوية في حسم المعركة ضد الإرهاب. عدا عن الشكوك التي اثارتها التساؤلات عن حقيقة مواقف بعض الأطراف الدولية الموجودة في المنطقة من موضوع محاربة الإرهاب ، عزز من ذلك الاتهامات المتبادلة بين هذه الأطراف بعدم جديتها في حسم هذا الموضوع. مع ملاحظة ان توقيت الإعلان عن هذا التحالف الإسلامي العريض ، قد يبدو مناسبا وربما يساعد هذه المنظومة الاسلامية في تنفيذ مهمتها بمحاربة الإرهاب بنجاح ، في ظل ما تشهده الساحة العالمية من جهود ونشاطات دولية اثمرت عن مشاريع قرارات اممية ، تتعلق بدعم التسوية السياسية في سوريا ، وتجفيف منابع الإرهاب ، إضافة الى الاقتراب من وضع قائمة بالتنظيمات الإرهابية ، التي تعكس مواقف الدول المختلفة منها ، والتي تولى الأردن تنسيق الجهود لإعدادها. ما يجعل من التنظيمات الارهابية التي يسعى التحالف الإسلامي لضربها ومحاربتها واضحة ومحددة ومتفق عليها دوليا.
لقد جرى تشكيل هذا التحالف بشكل مفاجئ وسريع وكرد فعل للتعامل مع مرحلة ظرفية حرجة ومصيرية ، انطوت على تحديات وتهديدات خطيرة ، بلغت حد اطلاق ايران تهديدات طائفية ضد المملكة العربية السعودية ، وتقديم دعم عسكري ومالي للحوثيين ، ذراعها العسكري في اليمن ، لتنفيذ مشروعها الطائفي والانقلاب على الشرعية في هذا البلد العربي المسلم. ما يتطلب من دول التحالف التي استشعرت بهذا الخطر الذي داهمها باسم محاربة الإرهاب ، إعادة حساباتها الأمنية والعسكرية الاستراتيجية بصورة تضمن ادامة هذا التحالف واستمراريته ، وتوفيرالاليات والأدوات المادية والعسكرية الكفيلة بتحويله الى قوة إقليمية يحسب حسابها ويعتد بها في حماية الامن العربي والإسلامي ، في ظل ما تتحلى به الدول الأعضاء من قدرات وإمكانات بشرية وعسكرية ومالية واقتصادية وموارد طبيعية هائلة ، تجعلها قادرة على التصدي لاي محاولات دولية او إقليمية تستهدف التدخل في شؤونها.
ولا بد من الإشارة الى ان تشكيل هذا التحالف يأتي منسجما مع رؤية جلالة الملك عبد الله الثاني ، المتمثلة في مطالبته بضرورة بناء تحالف عربي إسلامي ضد الإرهاب، لأن الحرب ضد التنظيمات الإرهابية ـ كما يقول جلالته ـ هي شأن عربي وإسلامي ، وان التنظيمات التي تحمل هذا الفكر لن تقف عند سوريا والعراق إذا قويت شوكتها، بل ستمتد إلى مختلف الدول العربية والإسلامية والعالم.
الرأي