الشاعر قيس قوقزة الذي اعتذر عن تسلم جائزة «حبيب الزيودي « التي نظمها بيت الشعر الاردني التابع لامانة عمان الكبرى، أعرفه من خلال ابداعه الشعري : «شظايا مكسرة» و»أجنحة المرايا» و» قصائد مجنونة»، وهي دواوين شعرية أصدرها الشاعر قوقزة الحاصل على جوائز أدبية محلية وعربية. الشاعر قوقزة استعاد بموقفه الرافض لتسلم الجائزة الشعرية التموضع في الموقع التاريخي للشاعر الغاضب من المؤسسة الثقافية الرسمية، والرافض الدخول الى نعيمها، وموقفه شكل خط دفاع أول عن أهم جائزة أدبية أردنية ينظمها بيت الشعر الاردني. المسألة كما تبدو أكبر من رفض شاعر لتسلم جائزة أدبية، فهي حرق وهدم للسياسات الرسمية التي تعنى بالثقافة، وأدت الى وصول العلاقة بين السلطة والمثقف الى هذا الحال المتخم والمتلبد بالاحباط وعدم الثقة، ولجوء الشاعر لخيار التجاذب باعتباره مفرا لإنقاذ إبداعه الشعري من «الوصاية الرسمية «. هي جولة صاخبة بالتفاصيل السوداء قادها شاعر وفضح من خلالها كيف تمنح الجوائز الادبية ؟ وكيف تشكل لجان الجوائز وكيف يتم توزيعها ؟ وكيف يتم وأد المبدعين والاصوات الادبية الصاعدة تحت رماد الشللية والمحسوبية و»مافيا الثقافة «التي تعيث فسادا بالهم الثقافي منذ أكثر من عشرين عاما على حد ما ذكره الشاعر في تصريح صحفي. لا شك فانه عندما ينطق شاعر فان الكلام يبدو مختلفا للغاية، وحمالا لكل الوجوه، فالشاعر بنبوءته يعرف كيف يرمم ما هو متصدع في العلاقة بين الانسان والعالم، ويعرف أيضا بحكم نبوءته الشعرية كيف يتعاطى مع الاشياء والناس والوجود بمنطق من الحكمة والاستشراف لا يساير بقية البشر. القضية التي فضحها الشاعر قيس قوقزة بكل تفاصيلها الجارحة للسلطة الرسمية للثقافة، وما سربت من ازعاج وفوضى في الفضاء العام، فانها لم تثر اهتمام وزارة الثقافة، فيبدو لديها معايير أخرى مختلفة في قياس محن وقضايا الثقافة الوطنية. إننا نخاف أن يأتي يوم ننعى به كل مثقفي وفناني وأدباء الأردن، وقد يكون ذلك اليوم قريبا.

الدستور