عند بداية تنفيذ مشروع نفق مدخل مدينة السلط قالوا إن المدة هي ثمانية أشهر فقط، نظرا لحساسية الموقع وكونه المدخل الوحيد، ومن تزوجت بتاريخ المباشرة اليوم معها ولد وبنت وحامل والمشروع ما يزال في مرحلة الحفر. عند بداية تنفيذ المشروع كانت (داعش) عبارة عن ثلاثة بكمات وشوال زنجبيل وأربعة شيوخ وخليفة، اليوم (داعش) تنظيم يحاربه أكثر من 60 دولة، ومشروع النفق الذي بدأ بجرافة وثلاثة قلابات ومهندس و7 عمال، اليوم جارنا الذي يقوم بصيانة منزله لديه عمال وصنايعية أكثر مما يتواجد في المشروع من فنيين. عند بداية تنفيذ المشروع كل من كان يفكر في شق طريق المستقبل، تخرج من الجامعة واستطاع الحصول على وظيفة وأمه شافت له بنت الحلال وبعد غد موعد زفافه. ومهندسو المشروع ما يزالون يفكرون في شق طريق لماسورة مجاري!
من الأزمة الخانقة أصبحنا نجلس مع النفق أكثر مما نجلس مع أبنائنا، وحتى الشركات التي تورد البضائع إلى المدينة أصبحت تشترط إن كان التسليم قبل النفق أوبعد النفق، لأن لكل منهما سعره، ومن المفروض مثلما يدعو أئمة الجوامع إلى فك أسرى المسلمين وتحرير فلسطين من أيدي الغزاة المحتلين، أن يدعو أيضا الى فك المحاصرين وسحب العطاء من أيدي المستهترين غير المبالين!
إذا المواطن تأخر في دفع فاتورة الكهرباء لمدة شهرين يسارعون لفصل التيارعنه، وإذا تأخر عن دفع فاتورة الانترنت ساعتين يسارعون لفصل خدمة الانترنت عنه؛ بينما يترك المتعهد ويسمح له بتجاوز المدة المحددة في العطاء كيفما يشاء دون أي إجراء أو غرامات تأخير!
للعلم فقط؛ إن حلم من يصبح مليونيرا في الأردن ليس شراء ورقة يانصيب، بل هو شراء نسخة عطاء أشغال بجرافة وقلاب و(قفة)، فقط تستطيع أن تصبح مليونيرا في عدة أشهر، لأن ربح العطاءات الحكومية (فاحش) وفوق تصور العقل. لك أن تتخيل أن العطاء بعشرات الملايين، ومن المفروض أن المتعهد حين يضع هذا المبلغ الفلكي أن تجد على الارض خلية نحل من العمل، بينما المؤسف أنك تجد بعد إحالة العطاء عدم المبالاة واختصار التكاليف الى أدنى حد وذلك على حساب وقت المواطنين ومعاناتهم!
وزير الأشغال الذي زار المشروع وعد مشكورا انه سيتم الافتتاح في شهر تشرين الأول الماضي، طبعا من صدّق وعد الوزير وزار المشروع ليرى الافتتاح بأم عينه، تيقن أن ما يقصده الوزير هو افتتاح المشروع أمام الـ (خلندات) وليس السيارات، لأنه بسبب أعمال الحفر المستمرة حتى الآن لا يستطيع العبور إلا (الخلند)، أما السيارات فأعتقد ان معالي الوزير ربما يقصد شهر تشرين الأول في العام 2050 وليس العام 2015!
الحوادث مستمرة، والمعاناة مستمرة .. والحجج الواهية مستمرة.. والدمار الذي حلّ بالمحلات التجارية مستمر.
بينما المتعهد مايزال لديه إصرار عجيب على دخول كتاب غينيس للأرقام القياسية بحفر نفق للسيارات باستخدام نقارة كوسا!
اللي بسأل عن موعد افتتاح هذا النفق مثل اللي بسأل عن متى بده يموت؟! صدقوني أن عمر الانسان وعمر هذا المشروع هما فقط علمهما عند رب العالمين.