ثورة البلقاء .. التوثيق والذاكرةمحمود الزيودي
19-12-2015 02:16 AM
جاءتني الدعوة بالإلكترون ( قدّس الله سرّه ) من رابطة الكتاب الأردنيين . حفل إشهار كتاب ثورة البلقاء ومشروع الدولة الماجدية للباحث الدكتور عبدالله العساف ... للمتحدثين في حفل الإشهار وقع خاص في نفسي كمتابع للنشاط الفكري والسياسي في المملكة ... ليث شبيلات ... د. هشام غصيب ... د. مهند مبيضين ... د. فارس الفايز ... د. عصام السعدي ... وجدت مع غيري أن قاعة الرشيد حيث سيقام الحفل مغلقة . فمجلس النقباء لم يوافق على إشهار الكتاب فيها . أصرّ القوم على الحفل في أحد الممرات الكبيرة بمجمع النقابات العتيد ... بلا مايكروفونات ولا مقاعد ... الجميع وقوف لأكثر من ساعة ... جيء بخمسة مقاعد للمتحدثين ولكنهم أصروا على الوقوف ... أرهقتني هشاشة العظام فجلست على كرسي ... وزميل آخر كبير السن مثلي ... المقعد الثالث استعمله ليث شبيلات لثوان معدودة ... جاء متأخراً بعد أن انتهى المتحدثون وكان أولهم ... استعمل المقعد للجلوس حتى يربط حذاءه . مما يوحي أن الرجل احتذاه على عجل وهو يتذكر موعده مع الحفل ... في نهاية الكلام الكثير وزّع علينا الكتاب مقابل عشرة دنانير للنسخة ... حالة بيع لم يحلم بها حسن ابو علي وكشك ثقافته طوال حياته ... أكثر من خمسين نسخة في حوالي عشر دقائق ... ما لفت نظري ابتداء في الكتاب هو العنوان ... ثورة البلقاء ومشروع الدولة الماجديّة ... وهو في الشق الثاني يحمّل سلطان العلي العدوان وزراً كبيراً لم يكن في شخصيته كزعيم لقبائل البلقاء لحوالي ثلاثين عاماً . ويشكك في سياسته التي اختطها لاحتواء النظام العثماني في بدايات تأسيس أقضية البلقاء والكرك ثم متصرفياتها ... كانت كلمته مسموعة ابتداء من سنجق القدس وانتهاء بسرايا ولاية الشام الشريف ... أبعد القبائل الغازية لمراعي البلقاوية وبني حسن في واقعة البقعة الشهيرة ... أرضى الدولة بالضرائب دون أن يرهق قومه ... بقي على ولائه للدولة العثمانيّة حتى خروج آخر جنودها من درعا باتجاه الشمال ... في بدايات تأسيس الإمارة أزعجته الحكاية الشهيرة في التراث الشعبي الأردني ... محمد يرث ومحمد لا يرث ... أعفيت إحدى القبائل الكبيرة من الضرائب العموميّة ولم تعف البلقاء منها ... نسي الباحث أن إحدى حكومات الإمارة صدعت لأمر المقيم البريطاني الذي قلّص موازنة الدرك وسرح ثلثهم . بتغريم كل قرية أو قبيلة يحدث فيها إخلال بالأمن . كل نفقات الجنود القادمين لفرض السيطرة بما في ذلك علف الخيل وطعام الجنود ... ذبائح أو دجاج محمّر ... أضيف إلى ميراث محمد كثرة الموظفين العرب في الحكومة بما في ذلك الوزراء ... احتج خريجو مدرسة عنبر في دمشق ومدرسة العشائر في اسطنبول من الأردنيين ووجدوا الصدى في بيت ابن عدوان الذي جمع قبائل البلقاء في احتجاج سلمي في الأولى واحتجاج بالرصاص في الثانية ... واجهته السلطة الاستعماريّة الإنجليزية بمدرعتين وطائرة ... تفرق القوم كما حدث لثورة الكرك التي فرقها البوق أو البورزان قبل ان يصل الجيش الى المدينة . ما يثير الاستغراب هو اعتماد الباحث على روايات شفهيّة كانت متداولة في المنطقة . أن تلك الأحداث كانت لإقامة دولة بديلة للإمارة باسم الدولة الماجديّة نسبة إلى الرجل الذي سيرأسها وهو ماجد العدوان . لا يمكن لعاقل مدرك مثل سلطان العلي وابنه ماجد أن يصدق حتى نفسه وهو يتحدث عن زعامة دولة من قبل رجل وتسمّى باسمه ... هو يعرف أكثر من غيره أن بقية القبائل والمدن والقرى الأردنية لن ترضى بدولة تسمى باسم زعيمها ... فكيف بالقبائل المنافسة للعدوان والبلقاويّة ... لا شك أن انتداب سلطان لابنه ماجد لقيادة الثورة أو التمرد أو الاحتجاج قد أطلق العنان لخيال الأصدقاء والمنافسين وحتى الأعداء لاختراع اسم الدولة من باب التفاخر أو التشنيع كما في لهجتنا هذه الأيام ... لا شك أن سلطان وماجد أبعد نظراً من تلك الإشاعة التي أخذ بها الباحث وجعلها ذيلا لعنوان كتابه الذي سأعود إليه في قابل الأيام . لأن هيزعة السادة المتحدثين أشعرتني أن حفل الإشهار كان ... “ضيف وافق نذر”.
|
الاسم : * | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : * |
بقي لك 500 حرف
|
رمز التحقق : |
تحديث الرمز
أكتب الرمز :
|
برمجة واستضافة