مثار تساؤل أن تواجه الحكومة الأردنية تصريحات الحزب الجمهوري الأخيرة بشأن "الخيار الأردني كحل نهائي للقضية الفلسطينية " بالصمت حتى كتابة المقال , إذ كان من المفترض أن تسارع الحكومة عبر ناطقها الإعلامي إلى رفض رؤية جون ماكين التي ساقها على لسان مستشاره اليهودي الأمريكي "روبرت كاغان " . خطورة هذه التصريحات تتمثل في أنها ليست رؤية شخصية فقط " لماكين " بل هي رؤية المحافظين الجدد في حزب يتبنى خدمة المشروع الصهيوني في المنطقة , هذا الحزب الذي يعتبر أحد أهم حزبين في الولايات المتحدة الأمريكية وحظوظه في الوصول إلى سدة الحكم عالية جدا , خصوصا وأن هذه التصريحات تسعى إلى التأثير على الرأي العام الأمريكي .
يضاف إلى ماسبق أن روبرت كاغان عرف عنه تطرفه في الانحياز إلى جانب الدولة العبرية , وهو من دعاة التطرف لصالحها بل ويذهب إلى تبني طروحات الليكود في طرد الفلسطينيين من بلادهم إلى الأردن , ولا عجب فهو "يهودي " يخدم دولته العرقية التي ينتمي إليها , فلا أحد يستطيع أن ينكر تأثير اليهود في رسم السياسة الخارجية الأمريكية .
التخوف من هذه التصريحات ضرورة ملحة فالمرشح للرئاسة الأمريكية " ماكين " لديه تأييد واسع من جماعة المحافظين الجدد واللوبي الإسرائيلي واليهود الأمريكيين وصقور البيت الأبيض , وإذا ما وصل إلى البيت الأبيض فستكون أربع سنوات أخرى من الويل والقتل والدمار في منطقة الشرق الأوسط وعلى وجه الخصوص في فلسطين المحتلة .
كان حري بالحكومة أن تبادر إلى الرد على " ماكين " أسوة بأحزاب المعارضة والبرلمان والنقابات والفعاليات الشعبية التي أثبت على الدوام أنها حصن للوطن وليست طيورا تغرد خارج السرب أو تتطلع إلى الروافد الأمريكية , فالأردن الرسمي يرتبط بعلاقات حميمية بالولايات المتحدة تؤهل الحكومة إلى أن تكون قاسية في الرد على ماكين ومستشاريه وأن ترخي قبضتها عن المعارضة .
التصريحات الجمهورية الأخيرة موجهة ضد الأردنيين والفلسطينيين على حد سواء وكان حري أيضا بالسلطة الفلسطينية أن ترفضها لما تحمله من مشروع تصفوي للقضية الفلسطينية , وقد يقول قائل : إن الحكومتين لم تردا على التصريحات لأنها ليست رسمية , فنجيب : كان احتلال العراق مشروعا صهيونيا وقد نفذ على أرض الواقع , ومشروع الخيار الأردني مشروع طالما روج له الإسرائيليون لكنه لن ينفذ على أرض الواقع لأن الأمريكيين لن يجدوا أردنيا أو فلسطينيا واحدا يقبل بهذا الحل , فالفلسطينيون ماضون في نضالهم إلى أبعد من الرابع من حزيران والأردنيون باقون على أرضهم إلى أن تقوم الساعة .