كلمة حدادين في المؤتمر الإقليمي للسلام " لجعل فلسطين حقيقة "
17-12-2015 08:51 PM
ألقت الكاتبة رانيا حدادين عن حزب الاتحاد الوطني كلمة لها في المؤتمر الاقليمي لمبادرة السلام العربية نحو جعل فلسطين حقيقة واقعة
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أنبياء الله جميعا .
ان كافة الاديان جاءت لخدمة الانسان واعلاء شأنه وليس الانسان لخدمة الدين ، ان هذا الفهم اساسي ومبدئي في تطوير العلاقه بين الانسان وخالقه وبين الانسان والانسان ويجب تطويع النص الديني في خدمة الانسان والانسانيه.
واسمحو لي ان اتحدث عن كينونة الدين الاسلامي لاعطيه حقه كمسيحيه شرقيه ولدت واعيش بين المسلمين بسلام ومحبه في اردننا الاغلى .
الاخوة الحضور :
إن اهم ما ميز الديانات السماوية جميعها اتفاقها على السلام للبشرية جمعاء، وعملها على الرفع من القيم الإنسانية العليا، وحثها الدائم على حرمة القتل وسلامة الأرواح، كونها عدت الحفاظ على النفس الإنسانية الغاية العليا لديها.
فلا زالت الشرائع السماوية تعمل على بناء السلام الداخلي والجسدي والخارجي للإنسان، حتى جاء الإسلام ليؤكد ما سبق، ويتمم ذلك البناء ويرسي قواعده وأسسه، ويطرح من المثل العليا في هذا الجانب، ما يعد لحظة الاكتمال التي أراد الله أن يرسيها في هذه الأرض، فجاءت رسالة الإسلام تحقق ذلك السلام الذي أراده الله لعباده حتى أصبح السلام الذي ينشده الإسلام ويدعو له ليس أمراً شخصيا، ولا هدفا قوميا أو وطنيا، بل صار هدفا عالميا شاملا وأبديا، وجاء تأكيد ذلك منذ بعثته صلى الله عليه وسلم حين قال: " إن مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل بنى بيتا فأحسنه وأجمله إلا موضع لبنة من زاوية فجعل الناس يطوفون به ويعجبون له، ويقولون: هلا وضعت هذه اللبنة، قال: فأنا اللبنة"
ولقد تأكد ذلك في القرآن الكريم حين تم إعلانه عليه الصلاة والسلام رحمة مهداة للبشرية كلها: "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين"، فكان كما شاءه الله للناس داعيا للمحبة والسلام والأخوة بين الأديان فقال عليه السلام: "الأنبياء إخوة لعلات، أمهاتهم شتى، ودينهم واحد"، وقوله:" الخلق كلهم عيال الله، فأحب الخلق إلى الله من أحسن إلى عياله".
الأخوة الحضور
أن مكافحة التطرف والإرهاب في أي نوع من أنواعه لن يكون إلا فكرياً ؛ فالإرهاب ليس حالة أمنية بل هو حالة فكرية لها مظاهرها السياسية والأمنية وحتى الثقافية وهي لا تكافح من خلال مكافحة المظاهر؛ بل من خلال المضمون والأسباب والنجاح في مكافحتها يكمن في تصفية الفكر الذي يقود إلى ذلك فالأمن ليس في حقيقة الأمر سوى أمن العقل والفكر من الإصابة بالخلل أو الانحراف.
ونحن هنا في هذا البلد الطيب نعد النموذج الأمثل للوحدة الوطنية والفهم الحقيقي للإسلام الصحيح والسليم، ونحن أيضا المثال الجميل والنقي على هذا الفهم وهذه الوحدة؛ فالكنيسة إلى جانب المسجد والمسلم والمسيحي تجمعهم المواطنة، هذه المواطنة التي تحتاجها الدول كافة في حياتها المستقبلية. فالسلام هو هدف مشترك بين المسيحية والإسلام ، وكما أن الإرهاب لا يمت للإسلام بصلة ، فإن الغرب لا يمثل المسيحية فلا يمكن توطيد السلام إلا بإعادة الأراضي العربية المحتلة، وايقاف حالات التطرف الممارسة تجاه أخوتنا في فلسطين المحتلة، وإعطاء كل ذي حق حقه، والمسيحيون هم أول من دافع عن عروبة هذه البلاد وحقوقها في وجه الحملات الصليبية، وليس بمستغرب أن يكون أحد قادة صلاح الدين الأيوبي، عيسى العوام المسيحي، من أشرس المدافعين عن الحق، في وجه الظلم والغزاة. إذن فلا مشكلة ولا خلاف بيننا، ولكن ما نشهده اليوم من اختلاف هو صنيعة السياسة والمصالح الضيقة لزمرة ضالة لا تمثل المسلمين ولا المسيحيين، بل تمثل نفسها الكريهة والحاقدة على الإنسانية كلها.
الأخوة الحضور
ولو عدنا إلى مكانة السلام والأمن في السلام لوجدنا أنها تشتمل على كل ما يحتاجه الإنسان من متطلبات الحياة كالسلامة والعافية والطمأنينة والطعام والشراب وغيرها، شريطة الإيمان بالله وشرعه والالتزام بأوامره ونواهيه، قال تعالى: " وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آَمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ". والمتتبع لآيات القرآن الكريم يجد أن لفظ السلم وما اشتق منه ورد فيما يزيد على مائة وأربعين آية(140). بينما لم يرد لفظ الحرب وما اشتق منه في القران الكريم إلا في ست آيات فقط، وحتىلو عدنا للجذور اللغوية للكلمتين لوجدنا أنهما ينتميان للجذر نفسه، وهذا يشير بشكل حاسم نحو مبدأ السلام في الإسلام، ودعوته للمحبة والتعاطف والتراحم ونبذ التطرف والارهاب والتعامل مع الآخر وفق هذه الامور، فلا إكراه في الدين، ولا دعوة إلا بالحسنى، (أدعُ إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن). كما دعا عباده إلى نبذ العصبية والتعصب، والتعامل وفق المحبة والسلام،" وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما". بل لا ضير ولا تثريب على الإحسان للآخر حتى لو أختلف معك في الدين والعقيدة، "لا يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ".
فالعلاقة مع الآخر علاقة سلم وأمن ومحبة، وحتى في حالات الحرب والنزاعات جاءت الدعوة أيضا تتلاءم مع مفهوم السلام وطرقه، قال تعالى:(وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله إنه هو السميع العليم) . وقول النبي صلى الله عليه وسلم في حماية المعاهدين وأهل الذمة : "من قَتَل مُعاهَدا لم يرح رائحة الجنة".
الأخوة الحضور
إن منهج الإسلام في تحقيق السلام العالمي يتجلى في الأمور الآتية:
1. أن السلام ضرورة حضارية طرحها الإسلام منذ قرون عديدة، باعتباره ضرورة لكل مناحي الحياة البشرية ابتداء من الفرد وانتهاءً بالعالم أجمع.
2. مبدأ التسوية السلمية للمنازعات: { يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ ادْخُلُواْ فِي السِّلْمِ كَآفَّةً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ }.
3. عدم البدء بالقتال أو السعي له أو محاولة الاعتداء على الآخر: { وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِينَ }.
4. الاحترام المتبادل لاستقلال الدول والجماعات الإقليمية السياسية.
5. أن الديانات السماوية جاءت من المشكاة نفسها، فلا اختلاف ولا تناقض بينها.
6. أن الإيمان لدى المسلم مرتبط بإيمانه بالرسل السابقين عليه السلام، وبالكتب السماوية جميعها.
7. حماية المنهج الإسلامي القويم من تحريف الغاليين وانتحال المبطلين وتأويلات الجاهلين.
8. تعميق صلة أفراد المجتمع على اختلاف مذاهبهم وأديانهم، وبيان حقوق الأفراد والجماعات.
9. بيان أسس إنشاء العلاقات السلمية القائمة على البر والقسط والإحسان مع الأمم الأخرى،واحترام حقوق الأقليات في المجتمع.
واما عن الدين المسيحي كما تعلمون فهو دين التسامح والسلام منذ البدء كانت كلمة الله في الانجيل البحث عن الامان والسلام لكل انسان ، فمبدء التعايش موجود وتجده في ايات الانجيل كافه بجميع المواقف المطروحه باعمال الرسل والانجيل ،اذا نحن متفقين ان الاديان تعكس لنا صورة السلام والتعايش والمحبه ومن هنا يجب تطويع النص الديني لخدمة الانسان والانسانيه ، فالرب اعطى نصوص عده باشكال ومذاهب مختلفه ومتفقه على السلام والمحبه لتطويعها في خدمة الانسان ولهذا ومن هذا المنبر الراقي اطالب المجتمعات الدوليه بانصاف الانسانيه والبحث على نقطة اتصال بين الادبان ووضعها قيد الدراسه لنخرج بما هو يرقى بالانسانيه والعيش الكريم .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
رانيا حدادين
حزب الاتحاد الوطني