في واحدة من قصصة الساخرة يتحدث الكاتب التركي العظيم عزيز نيسين، عن خلافات بين قائد عثماني وآخر الماني في قيادة المعركة خلال الحرب العالمية الأولى ، حيث كان القائد الألماني يصر على استخدام الساعات الدقيقة والبوصلة من اجل تحديد الزمن والاتجاهات ، لتحديد ساعة الصفر وبدء الهجوم على الأعداء .
القائد الألماني ، كان يصر على استخدام الجدي ...نعم الجدي في تحديد الإتجاهات ...اذ كان يخرجه في الفجر ، فيتوقف الجدي بشكل معاكس لرياح الشمال حتى لا تبرد مؤخرته المكشوفة، بالتالي كان القائد العثماني يحدد الاتجاهات اعتمادا على اتجاه مؤخرة الجدي ، ولم يكن يثق بالبوصلة.
الألماني لم يكن يصدق ما يرى ، وكان يحاول اقناع القائد العثماني ، بأن الجدي اذا كان مصابا بالحمو أو الحرارة، فإنه سوف يوجه مؤخرته نحو الشمال حتى تبرد، وهذا ما قد يوقعنا بمشاكل لوجستية على ارض المعركة ، لكن العثماني لم يقتنع ..واستمر التعاكس في الاتجاهات والاختلافات في الأوامر الى ان تم القضاء على معظم افراد الكتيبة نتيجة الخلافات في التوقيت والاتجاه .
معظم خلافاتنا هنا – عدا تلك المشوبة بسوء النية والقصد- تندرج تحت قائمة الجدي والبوصلة ...هذا يريد البيع والخصخصة وذاك يريد دعم القطاع العام،وذكذاك يسعى الى الإقتراض لتسديد الديون ، وهذا ينوي تسديد الديون من اجل الإقتراض.
هذا يحدد سعر البترول بمؤخرة الجدي ، وذاك يستعمل مؤشرات البورصة العالمية ....وهؤلاء يفضلون البحث عن اسعار تفضيلية واخرين يشحدون...!!
هذا ينوي ابقاء الدولار مقياسا لعملتنا الوطنية ، واخر يريد ان يملأ السلة بالعملات المتنوعة ، وهؤلاء يحمعون الكل ويحصلون على (الميس) من راس الكوم .
اذا بقي الحال على ما هو علية ، واذا لم نضع ثوابت نتفق عليها، فأننا لا شك سنفنى كما فنيت كتيبة القائدين.
بالنسبة لي فإني انوي إشباع الجدي فولا (لتسهيل الأمور)..واستخدامه لتحديد اتجاه الحكومة!!
ghishan@gmail.com