الرقابة الدستورية على القوانين المؤقتة
15-12-2015 09:12 PM
عمون - قدم عضو المحكمة الدستورية الدكتور محمد الغزوي ورقة حول الرقابة الدستوريه على القوانين المؤقتة خلال ورشة عمل نظمت في العاصمة عمان في الفترة الواقعة بين 14 – 16 / 12 / 2015.
وحملت ورشة العمل عنوان "اختصاصات القضاء الدستوري" وذلك بالتعاون بين المحكمة الدستورية وماكس بلانك للسلام الدولي وسيادة القانون .
وتاليا نص الورقة :
الرقابه الدستوريه على القوانين المؤقتة
أ.د محمد سليم محمد غزوي
----------------------------
سعادة الدكتوره " كاثرين شير " مديرة المشاريع في مؤسسة ماكس بلانك للسلام الدولي
وسيادة القانون
الاخوه الزملاء اعضاء المحكمه الدستوريه الاردنيه
الساده الحضور
لان هذه الورشه التي تنظمها مؤسسة ماكس بلانك للسلام الدولي وسيادة القانون بالتعاون مع المحكمه الدستوريه الاردنيه تدور حول " اختصاص القضاء الدستوري " فهي برايي مودة علميه نتمنى ان تظل موصولة باذن الله لما تعنيه وتتضمنه من اطلاله مشتركه مفيده
وعليه
فقد اسعدتني المشاركه في هذه الورشه
ويسعدني ان ادفع بهذا الاسهام المتواضع حول " الرقابه الدستوريه على القوانين المؤقته"
دراسه
قدمت الى ورشة العمل المنظمه من قبل " مؤسسة ماكس بلانك للسلم الدولي وسيادة القانون في جمهورية المانيا الاتحاديه " بالتعاون مع المحكمه الدستوريه الاردنيه "
عمان – الاردن – 14-16/ 12/2015
نقطة البدء
انني ساذهب مع الابلغ من القول " انه اذا كان يجب على رجال الفقه والقضاء ان يؤكدوا للحكام في كل مناسبه ان "" مبدأ سيظرة احكام القانون "" يجب ان يكون دائما موضع احترامهم , ولكن يجب من ناحية اخرى التسليم بضرورة ملائمة القانون للواقع حتى لا يتصف بالجمود وعدم التطور . (1)
وهنا لابد من وقفه لنسارع الى القول ان القوانين والانظمه انما وضعت لكي تطبق في الظروف العاديه ولكن الدوله تملك الخروج على هذه القوانين والانظمه وتتحرر من التقيد الحرفي باحكام مبدا " سيطرة احكام القانون " وذلك في حالة " الظروف الاستثنائيه " او " حالة الضروره " كما يطلق عليها القضاء في مصر التي تتطلب السرعه والحزم في التصرف اذ ان البلاد كما يقول فقهاء القانون العام (2) ستتعرض لابلغ الضرر اذا واجهت هذه الظروف الاستثنائيه وفقا لاحكام النشريع العادي وباتباع اساليبه واجراءاته الطويله المعقده . وعليه فان المشرع يذهب الى وضع الحلول التشريعيه للظروف الاستثنائيه على شكل نصوص
-----------------------------------
1- او مبدأ سيادة القانون او مبدأ المشروعيه او الشرعيه " ةيراجع الدكتور عبدالحميد متولي – الحريات العامه – نظرات في تطورها وضماناتها ومستقبلها – اسكندريه 1974 – ص 87 وما بعدها , المستشار الدكتور احمد مدحت علي – نظرية الظروف الاستثنائيه – دراسه مقارنه في فرنسا وفي مصر – 1978- ص 3 وما بعدها
2- وعلى راسهم استاذنا الدكتور محمود حافظ- - القضاء الاداري في الاردن – عمان 1987- ص 129 وما بعدها
دستوريه او قوانين استثنائيه او كليهما معا (1) والى هذا ذهب المشرع الاردني ( جاء في
الماده 94 من الدستور " عندما يكون مجلس النواب منحلا يحق لمجلس الوزراء بموافقة الملك ان يضع قوانين مؤقته (2 ) لمواجهة الامور الاتي بيانها : الكوارث العامه حالة الحرب والطواريء , الحاجه الى نفقات ضروريه ومستعجله لا تحتمل التاجيل . ......................... الخ ) كما نصت الماده 124 من الدستور على انه " اذا حدث ما يستدعي الدفاع عن الوطن في حالة وقوع طواريء فيصدر قانون باسم قانون الدفاع تعطى بموجبه الصلاحيه الى الشخص الذي يعينه القانون لاتخاذ التدابير والاجراءات الضروريه ........ الخ والماده 125 من الدستور على انه " في حالة حدوث طواريء خطيره يعتبر معها ان التدابير والاجراءات مقتضى الماده السابقه من هذا الدستور غير كافيه للدفاع عن المملكه فللملك بناء على قرار مجلس الوزراء ان يعلن بارادع ملكيه الاحكام العرفيه في جميع انحاء المملكه او في اي جزء منها ............... الخ )
------------------------------
1- وهنا يثور التساؤل حول اهمية ان يكون للمشرع دورا في تنظيم هذه الضروره ... فعلى اثر السبب الذي توارت خلفه الحكومات ومنها فرنسا في اصدار اللوائح التي تجاوزت كل الحدود ثار التساؤل هل من المجدي ان يتصدى الدستور لتنظيم حالة الضروره .. انتهى الراي – رغم كل المخاوف – الى الاخذ بنظريةالضروره وتقنينها بحجة انه ما دام من المسلم به ضرورة وجود قواعد تتلائم مع فترات الازمات التي لا تخلو منها حياة الدول فانه من الافضل ان تنظم حالة الضروره دستوريا فلا يترك الامر لمحض الاجتهادات الفرديه التي قد تشتط الى مدى لا يمكن معرفته والدساتير يجب الا تغفل عن اوقات الازمات وما يلزمها من تنظيم يواجهها ويعيد ترتيب اوضاع السلطات العامه ترتيبا من شانه المحافظه على سلامة الدوله وضمان استمرارها وسط العواصف ولا تكتفي بتنظيم تلك السلطات في الاوقات العاديه فحسب " ويعلق الاستاذ الدكتور سامي جمال الدين قائلا " وفي الحقيقه فان المخاوف التي تدفع الى رفض مثل هذا التنظيم هي كما يقول تعبير لا عن عيوب التنظيم ذاته وانما هي عيوب في القائمين على شؤون الدوله في مثل هذه الظروف الاستثنائيه " يراجع للدكتور سامي جمال الدين – لوائح الضروره وضمانة الرقابه القضائيه – اسكندريه 1982- ص 35 وما بعدها "
2- وهي غير " اللوائح التفويضيه وهي الاجراءات التي تتخذها الحكومه بناء على تفويض من البرلمان وقد خلا دستور 1952 عندنا من نص يبيح التفويض التشريعي فقط وزع الاختصاصات بين السلطات العامه وحدد كيفية ممارسة كل سلطه لاختصاصاتها
هذا ونظرا لخطورة السلطات التي تتمتع بها الاداره في ظل الضروره او الظروف الاستثنائيه اذ يترتب عليها المساس بحقوق الافراد وحرياتهم فقد ذهب القضاء في العديد من الدول الى ضرورة توفر مجموعه من الشروط لتنطبق تظرية الضروره او الظروف الاستثنائيه (1)
وهنا لا بد من وقفه لنتساءل عن معنى الظرف الاستثنائي ؟ يرى مجلس الدوله الفرنسي (2) ان اصطلاح الظروف الاستثنائيه لا يحتاج الى تعريف لانه كاف في حد ذاته للدلاله على معناه ولهذا سبب حتى يظل القضاءوحده صاحب الكلمه في تقدير وجود الظرف الاستثنائي خوفا على تطور قضائه وعدم اعاقته وهنا لا بد من وقفه اخرى لنتساءل هل هذا اي غياب التعريف يحول دون تحديد عناصر الظرف الاستثناي ؟ سنذهب مع الرأي القائل بان هذا لا يحول ذلك لان احكام القضاء وبخاصه في فرنسا ومصر تبين ان " الظرف الاستثنائي هو حاله شاذه غير مألوفه او غير عاديه يترتب عليها تعذر اتباع الاداره للقوانين المعده للظروف العاديه لانقاذ مصلحة عامه من الخطر الذي يحيط بها "
وعليه
فان الشروط التي يلزم توفرها لتنطبق نظرية الضروره او الظروف الاستثنائيه هي :
1- قيام حاله شاذه غير مالوفه 2- تعذر اتباع الاداره للقوانين المعده للظروف العاديه 3- تعرض مصلحه عامه للخطر
وفي الحكم رقم 112 /82 لمحكمة العدل العيا الاردنيه ذهبت الى بيان الشروط التي يجب توافرها للاحتجاج بنظريه الضروره او الظروف الاستثنائيه وهي :
1- وجود خطر جسيم يهدد النظام العام 2- ان يتعذر دفع هذا الخطر بالطرق القانونيه العاديه 3- ان يكون رائد الاداره في تدخلها تحقيق المصلحه العامه وحدها 4- يجب الا تضحي بمصلحة الافراد في سبيل المصلحه العامه الا بمقدارما تقضي به الضروره اي ان لا تتعسف الادار ه باجراءاتها .
---------------------
1- يراجع استاذنا الدكتور محمود حافظ – المرجع السابق – ص 129 وما بعدها المستشار الدكتور احمد مدحت – المرجع السابق – ص 191 وما بعدها
2- المستشار الدكتور احمد مدحت – المرجع السابق – ص 191 كما يراجع الدكتور سامي جمال الدين - الذي لخص شروط تطبيق نظرية الضروره واجماع الفقه عليها " ص 24 وما بعدها "
هذا ولما كانت التطبيقات التشريعيه لنظرية الضروره او الظروف الاستثنائيه
متعدده كما اشرنا " المواد 94و 124و 125 من الدستور " ولان موضوعنا في هذه الورشه ينصب على القولنين المؤقته " فلن نتعرض لغيرها (1) " فماذا عنها ؟
جاء في الماده 94 من الدستور 1- عندما يكون مجلس النواب منحلا يحق لمجلس الوزراء بموافقة الملك ان يضع قوانين مؤقته لمواجهة الامور الاتي بيانها : أ- الكوارث العامه ب- حالة الحرب والطواريء ج- الحاجه الى نفقات ضروريه ومستعجله لا تحتمل التاجيل , ويكون للقوانين المؤقته التي يجب ان لا تخالف احكام الدستور قوة القانون على ان تعرض على مجلس الامه في اول اجتماع يعقده وعلى المجلس البت فيها خلال دورتين عاديتين متتاليتين من تاريخ احالتها وله ان يقر هذه القوانين او يعدلها او يرفضها فاذا رفضها او انقضت المده المنصوص عليها في هذه الفقره ولم يبت بها وجب على مجلس الوزراء بموافقة الملك ان يعلن بطلان نفاذها فورا ومن تاريخ ذلك الاعلان يزول ما كان لها من قوة القانون على ان لا يؤثر ذلك في العقود والحقوق المكتسبه . 2- يسري مفعول القوانين المؤقته بالصوره التي يسري فيها مفعول القوانين بمقتضى حكم الماده 93 من هذا الدستور . اي باصداره من جانب الملك ومرور ثلاثين يوما على نشره في الجريده الرسميه الا اذا ورد نص خاص في القانون على ان يسري مفعوله من تاريخ اخر . وهكذا يشترط لممارسة السلطه التنفيذيه عند اصدار القوانين المؤقته مراعاة الشروط التاليه
1- يجب الا تصدر السلطه التنفيذيه هذه القوانين المؤقته التي يكون لها قوة القانون بوجود البرلمان صاحب الاختصاص الاصيل في التشريع وانما يقتصر اصدارها اثناء فترة الحل
2- لا يجوز للسلطه التنفيذيه اصدار القوانين المؤقته الا لمواجهة " الكوارث العامه وحالة الحرب والطواريء والحاجه الى نفقات ضروريه ومستعجله لا تحتمل التاجيل " وتقدير هذه الحالات متروك امره للسلطه التنفيذيه وذلك تحت رقابة البرلمان عند انعقاده الجديد .
3- يجب ان تطابق احكام القوانين المؤقته الدستور بالا تخالفه مما يعمل على سيادة مبدأ المشروعيه وعدم الاخلال به في هذه الاحوال ,
4- يجب ان تعرض القوانين المؤقته في اول اجتماع يعقده مجلس الامه " زائدا اشتراط البت فيها خلال دورتين عاديتين متتاليتين من تاريخ احالتها ,
------------------------
1- قانون الدفاع والاحكام العرفيه يراجع الدكتور محمود حافظ- المرجع السابق – ص 131 وما بعدها الدكتور كما يراجع رسالة الدكتوراه للدكتورهاني الطهراوي – نظرية الضروره في القانونين الاداري والدستوري وتطبيقاتها في التشريع الاردني – دراسه مقارنه – القاهره 1992
5- لمجلس الامه الحريه الكامله ازاء هذه القوانين اذ له حق اقرارها كما هي وحق تعديلها او حق رفضها وفي هذه الحاله الاخيره " اذا رفضها زائدا انقضاء المده المصوص عليها " دورتين عاديتين متتاليتين من تاريخ احالتها " ولم يبت بها وجب على مجلس الوزراء بموافقة الملك ان يعلن بطلان نفاذها فورا ومن تاريخ ذلك الاعلان يزول ما كان لها من قوة القانون على ان لا يؤثر ذلك في العقود والحقوق المكتسبه .
6- واخيرا يسري مفعول القوانين المؤقته بالصوره التي يسري فيها مفعول القوانين اي باصدارها من جانب الملك ومرور ثلاثين يوما على نشره في الجريده الرسميه .
هذا ويكون الاصدار عندنا في شكل اراده تحمل عادة ديباجه خاصه " نحن عبدالله الثاني ابن الحسين ملك المملكه الاردنيه الهاشميه بمقتضى الماده 31 من الدستور وبناء على ما قرره مجلس النواب والاعيان نصادق على القانون الاتي ونامر باصداره واضافته الى قوانين الدوله "
اما فيما يتعلق بالقوانين المؤقته فديباجتها " نحن عبدالله الثاني ابن الحسين ملك المملكه الاردنيه الهاشميه بمقتضى الفقره 1 من الماده 94 من الدستور وبناء على ما قرره مجلس الوزراء بتاريخ .......... نصادق بمقتضى الماده 31 من الدستور على القانون المؤقت الاتي ونامر باصداره ووضعه موضع التنفيذ المؤقت واضافته الى قوانين الدوله على اساس عرضه على مجلس الامه في اول اجتماع يعقد .
ويختتم كل قانون " عادي او مؤقت " بعبارة رئيس الوزراء والوزراء مكلفون بتنفيذ احكام هذا القانون ثم التاريخ / / ويلي ذلك امضاء الملك والوزير او الوزراء المختصين .
هذا ولما كان الامر كذلك فقد تساءل البعض عن طبيعة هذه القوانين المؤقته هل تعتبر قرارات اداريه لا تخضع لرقابة المحكمه الدستوريه على اعتبار صدورها من السلطه التفيذيه او انها ليست كذلك اي انها قانون وتخضع لرقابة المحكمه الدستوريه وفقا لما تضمنته الماده 59 من الدستور " تختص المحكمه الدستوريه بالرقابه على دستورية القوانين والانظمه النافذه ........ ""
حتى نستطيع بيان ذلك لا بد ان نعرض لما قال به الفقه والقضاء من معايير للتمييز بين القرارات الاداريه والاعمال التشريعيه الا وهي " المعيار الشكلي والمعيار الموضوعي " (1)
---------------------
1- يراجع الدكتور محمود حافظ- القرار الاداري –دراسه مقارنه – معيار تمييز القرار الاداري وانواع القرارات الاداريه – القاهره – ص 12 وما بعدها , الدكتور ثروت بدوي – تدرج القرارات الاداريه ومبدأ المشروعيه – القاهره 1970- ص 76 وما بعدها
- فيما خص المعيار الشكلي فانه يضع في الاعتبار السلطه التي اتخذت العمل القانوني والاجراءات التي اتبعتها في اصداره بغض النظر عن موضوع العمل القانوني والاثار المترتبه عليه .
وبالتالي فان العمل او القرار يكون اداريا اذا كان صادرا من فرد او هيئه تابعه لجهة الاداره التي تعتبر فرعا من السلطه التنفيذيه ويكون العمل تشريعيا اذا كان صادرا من السلطه التشريعيه
ولكن هذا المعيار لم يسلم من النقد ذلك لان تطبيقه يفترض ان يكون هناك فصل تام وصارم بين السلطتين التنفيذيه والتشريعيه بالاضافه الى ان هذا المعيار لا يمكن ان يطبق بل يستحيل تطبيقه في فترات الانتقال حيث تندمج الوظيفتان التشريعيه والتنفيذيه في يد سلطة واحده هي السلطه التنفيذيه
- واما فيما يخص المعيار الموضوعي فهو الذي ينظر الى موضوع العمل ومضمونه دون اعتبار للجهه التي اتخذته او الاجراءات التي اتبعت في اتخاذه وقد اخذ بهذا المعيار العديد من الفقهاء " دوجي وجيز وسل وبونار (1) , وعلى ضوئه قيل بان العمل التشريعي يعني العمل الذي يتضمن قاعدة عامه موضوعيه بغض النظر عن صفة الهيئه التي تصدره والشكل والاجراءات التي تتبع في اصداره بينما يعتبر العمل اداريا اذا اتسم بطابع الخصوصيه والفرديه .
ولهذا قيل ان المعيار الموضوعي اكثر اتفاقا مع طبيعة الاشياء من المعيار الشكلي كما انه المعيار الوحيد الذي يمكن تطبيقه في فترات الانتقال التي تمتاز بتركيز السلطات (2)
وعليه فاننا نرى في ضوء :
" مبدأ التعاون والتوازن الذي اعتنقه الدستور الاردني بين السلطتين التنفيذيه والتشريعيه " المواد 34و51و66و96 "
" واستحالة تطبيق المعيار الشكلي في فترات الانتقال وبخاصه في غيبة البرلمان وتركيز السلطتين التشريعيه والتنفيذيه " بيد السلطه التنفيذيه "
ان المشرع الاردني اراد اعتناق المعيار الموضوعي لا الشكلي بالنسبه للقوانين المؤقته (3) ولا ادل على ذلك من :
--------------------------
1- الدكتور محمود حافظ – المرجع السابق – ص 15و 23 وما بعدها
2- الدكتور محمود حافظ- المرجع السابق – ص 15 وما بعدها
3- يراجع الدكتور محسن خليل – علاقة القانون باللائحه – دراسه مقارنه – بحث منشور بمجلة الحقوق - عدد3و4- السنه 14– اسكندريه – 1969- ص 40
"" ان المشرع عامل القوانين المؤقته معاملة القوانين العاديه وذلك طبقا للفقره الثانيه من الماده 94 التي قضت بان يسري مفعول القوانين المؤقته بالصوره التي يسري فيها مفعول القوانين "
"" وان المشرع قد اطلق على القوانين المؤقته عبارة القوانين وذلك على الرغم من صدورها عن السلطه التنفيذيه
""وفي الحكم رقم 41/62 لمحكمة العدل العليا افصحت عن رايها في الطبيعه القانونيه للقوانين المؤقته فقدعلقت على الماده 94 سالفة الذكر قائله : ومن هذا النص يتضح انه في الاوقات التي يكون فيها مجلس الامه غير منعقد او منحلا يختفي مبدأ فصل السلطات مؤقتا وتجمع السلطه التنفيذيه الى جانب مهام الاداره وظيفة التشريع ولهذا فان القوانين المؤقته التي تصدرها هذه السلطه تعتبر في الواقع من قبيل الاعمال التشريعيه التي لا يمكن الطعن فيها بالالغاء بصورة مباشره امام هذه المحكمه .
وهي بهذا تخرج عن المعيار الشكلي ومن ثم انكرت حقها في نظر الطعون الموجهه الى هذه القوانين بصفه مباشره (1)
-----------------------------------
1- وعلى هذا يعلق استاذنا الدكتور محمود حافظ قائلا " وتقابل القوانين المؤقته ما يعرف بلوائح الضروره في الفقه المصري وهي اللوائح التشريعيه التي تصدرها السلطه التنفيذيه فيما بين ادوار انعقاد البرلمان او في فترة حله وكان يطلق عليها المراسيم بقوانين في ظل النظام الملكي في مصر وتسمى حاليا القرارات بقوانين ويستظرد قائلا انها ليست قوانين من الناحيه الفنيه ......... وكان من الافضل والاصح ان تسمى انظمه ..... ويستطرد قائلا . .. لا نستطيع ان نوافق محكمة العدل العليا على ما ذهبت اليه بشان التكييف القانوني للقوانين المؤقته " المرجع السابق – ص 152 وما بعدها " كما يراجع عن موقف القضاء الفرنسي والمصري من نظرية الضروره – الدكتور سامي جمال الدين – المرجع السابق – ص 26 وما بعدها ,
وبالبناء على ما تقدم او تاسيسا على المعيار الموضوعي يكون المشرع الاردني قد اكسب القوانين المؤقته الحصانه القضائيه التي تتمتع بها القوانين العاديه فلا يجوز الطعن فيها بالالغاء ولكنه بسط رقابته عليها من حيث الدستوريه شانها في ذلك شان القوانين .
وعليه وحتى يتحقق التوازن بين مقتضيات الضروره ومبدأ المشروعيه فان النظام القانوني الاردني ذهب في موضوع الرقابه على القوانين المؤقته الى الجمع بين الرقابتين : " الرقابه الرلمانيه والتي يقوم بها البرلمان عن طريق ممارسته لوظيفته التشريعيه " اقرار , تعديل , رفض " (1)
" والرقابه القضائيه عندما ارتفع بالقوانين المؤقته الى قوة القانون وحسم باعتماده المعيار الموضوعي الذي ينبني على مضمون ومحتوى القانون المؤقت ما يتعلق بطبيعة القوانين المؤقته وفقا لما ذهبت اليه محكمة العدل العليا . (2)
----------------------------
1- ضرورة عرض القوانين المؤقته على مجلس الامه للبت في شانها وتقرير مصيرها لا يكفي – كما يقول استاذنا الدكتور محمود حافظ – كضمتن لالتزام السلطه التنفيذيه باحكام الدستور لان هذه الرقابه في اغلب الاحوال تكون متسمه بطابع سياسي ومن ثم يفقد هذا الشرط الجوهري مدلوله الحقيقي او الحكمه الاساسيه من تقريره ........ " المرجع السابق – ص 134 " كما يراجع عن الرقابه البرلمانيه او السياسيه على لوائح الضروره الدكتور سامي جما ل الدين – المرجع السايق – ص 45 وما بعدها
2- وهنا لا بد ان نعود وتذكر باهمية ما صدر عن محكمة العدل العليا وذلك في ضوء ان جانب كبير من الفقه يرى ان جدية الرقابه على سلطات الضروره تستلزم مباشرتها عن طريق السلطه القضائيه وان القاضي وحده هو الذي يعطي الضمانه الجاده بشان الرقابه على تلك السلطات ومع ذلك فان التضارب بين هؤلاء الفقهاء حول مدى هذه الرقابه القضائيه كما يقول الدكتور سامي جمال الدين لا حد له ويستطرد قائلا ان سبب هذا التضارب يرجع الى حد كبير الى الخلط الناتج عن عدم التفرقه بين القوه القانونيه للعمل وطبيعته القانونيه " المرجع السابق – ص 53 " وهو ما نبذه –اي الخلط – حكم محكمة العدل العليا السالف الذكر .
ونضيف ان الجمع سالف الذكر ينسجم تماما مع ما يامر به النص العبقري في نظامنا القانوني الاردني ونعني بذلك " الماده 128 من الدستور " الذي يجعل من السلطه التنفيذيه اكثر حرصا على الالتزام بضوابط المشروعيه وعلى الحقوق والحريات الفرديه فلا تتصرف على هواها دون ان تهتم باثبات مشروعية تصرفاتها متجاوزة بذلك تدخل القضاء ,
وعليه
ولانه ليس بكاف ان نقرر مبدأ المشروعيه وانما يجب ان ينظم جزاء على مخالفة احكامه وليس ثمة ضمانه اكثر كفاله لاحترامه من وجود هيئه تقضي بعدم دستورية القانون المخالف للدستور .
وبسبب خلو دستور 1952 من نصوص تنظم امر حمايته قبل 1/10/2011 اتخذ القضاء عندنا "العادي والاداري " موقفا متدرجا في الرقابه على القوانين " العاديه والمؤقته " دون ان ننسى المرحله التي تلت صدور قانون محكمة العدل العليا الاردنيه رقم 12 لسنة 1992 الذي جاء فيه ان محكمة العدل العليا تختص دون غيرها بالنظر في الطعون المقدمه من ذوي المصلحه والمتعلقه بالطعون التي يقدمها اي متضرر بطلب وقف العمل باحكام اي قانون مؤقت مخالف للقانون او الدستور " م9/أ- 7 "
هذا ومن اشهر الطعون التي قدمت على سبيل المثال " الطعن بعدم دستورية قانون المالكين والمستاجرين المؤقت رقم 29 لسنة 1982 والطعن بقانون المطبوعات والنشر رقم 27 لسنة 1997 ....... الخ (1)
--------------------------
1- يراجع الدكتور محمد سالم ملحم – رسالة دكتوراه بعنوان " مراسين الضروره وتطبيقاتها في الدستور الاردني – دراسه مقارنه - عين شمس – 2006 " كما يراجعالاستاذ فايز شخاتره – القوانين المؤقته في الدستور الاردني – بحث غير منشور نقدم الى نقابه المحامكين الاردنيه
اما بعد ذلك فقد ترجمت التعديلات الدستوريه مركزية الرقابه اي جعل تقرير دستورية قانون او نظام ما او عدم دستوريته مقصورا على هذه المحكمه . " المحكمه الدستوريه الاردنيه "
وبمراجعة الاحكام والقرارات الصادره عنها نجد منها على سبيل المثال التاليه التي تتعلق بالرقابه على القوانين المؤقته :-
- قرار التفسير رقم 2/2013
- قرار التفسير رقم 5/2013
وقبل ان اختم لا بد ان اذكر بان السلطتين التشريعيه والتنفيذيه عندنا في المملكه تركزت بيد السلطه التنفيذيه لمدة عشر سنوات " 1974- 1984 واصدرت خلالها عشرات القوانين المؤقته كان اهمها قانون المجلس الوطني الاستشاري رقم 15 لسنة 1978 الذي صدر بموجب الفقره الاولى من الماده 94 من الدستور وعلى اثر حل مجلس النواب عام 2011 صدر عندنا في الفتره الواقعه ما بين " 16/6/2001 الى 17/6/2003 " مائه وستة " 106 " قانون مؤقت زائدا اخرى في فترات لاحقه (1) وهنا يثور التساؤل التالي : هل حلول السلطه التنفيذيه محل السلطه التشريعيه للمده السالفة الذكر امر تقره نصوص الدستور ؟ وما صدر عنها بالتالي من قوانين مؤقته تعتبر دستوريه ؟
اعتقد بان الاجابه لن تكون دقيقه الا بسبر اغوار كافة جوانب الحلول السالف الذكر للسلطه التنفيذيه ومدى سيطرة الشرعيه على سن العديد من القوانين المؤقته سالفة الذكر
------------------------------------------
1- يراجع البحث سالف الذكر للاستاذ فايز شخاتره
شكرا لكم جميعا
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عضو المحكمه الدستوريه
أ.د محمد سليم محمد غزوي