كل المؤشرات السياسية المعلنة , تنبيء بأن المنطقة مقبلة على صدام عسكري كبير ذي سمة عالمية بصورة أكثر وضوحا هذه المره , فالتوتر المتصاعد بين روسيا التي باتت غارقة في الصراع على الجبهة السورية , وتركيا التي قررت الذهاب إلى آخر الشوط في التعامل مع واقع خطير يحيط بها من كل جانب , لن يهدأ أبدا إلا في إطار نهاية شاملة للملف السوري , ووفق ترتيب يبدو أنه معد تماما ولكن لا أحد يمكنه التنبؤ بنتائجه ومآلاته , بإعتباره ترتيبا عسكريا أكثر منه سياسيا .
إلى جانب التوتر الروسي التركي هناك كما يبدو توجه أميركي غربي لحسم الصراع على نحوما , وبما ينهي هيمنة تنظيم داعش الارهابي في كل من سورية والعراق, وهو توجه سبقه تحذير أميركي لاطراف الصراع الليبي بضرورة التقيد التام بإتفاق السلام وإلا فإن الخارجين عليه سيدفعون ثمنا باهظا , وقد أملت هذا التحذير أخيرا هيمنة داعش المتسارعة على مناطق واسعة في ليبيا وبالذات مناطق مسقط رأس القذافي .
في السياق تترسخ القناعة كل يوم لدى دول النفوذ الغربية بحقيقة النوايا الروسية الإيرانية المشتركة , والتي تعمل تباعا على مواصلة التطهير العرقي والطائفي في سورية , تماما كما جرى في العراق , ولجهة إقصاء العرب السنة وتكريس واقع جديد عماده الطائفية الشيعية , فروسيا تدرك وبالتجربة والممارسة أن الشيعة قرارهم بيد إيران وحدها دون حكومات ودول بلدانهم العربيه , ولديها قناعة كذلك بأن الإرهاب بات حكرا على المتطرفين السنة الساعين لإقامة دولة إسلامية كبرى في العراق وبلاد الشام , وهو أمر يتعارض بالكلية مع نهجها وإستراتيجيتها بالتشارك مع إيران التي تمكنت من إقناع العالم بأن الإرهاب حكر على السنة دون الشيعة الذين تملك قرارهم , فيما لا تملك الحكومات العربية كلها مجتمعة او فرادى أي سلطة إتجاه المتطرفين السنة .
في ظل هذا الواقع المشتبك حتى مع نفسه , تتجه المنطقة كلها بالضرورة إلى حسم عسكري وشيك سيتطاير شرره في كل الإتجاهات ,وهدفه الاميركي والغربي عموما إفساد المخطط الروسي الإيراني الذي يتخذ من الإرهاب سببا منطقيا لبلوغ غاياته , وهي غايات تتجاوز الإرهاب إلى إعادة ترتيب المنطقة ديمغرافيا , وبما يكرس حضورا طائفيا شيعيا له الهيمنة سياسيا وعسكريا وإجتماعيا , في العراق وسورية إمتدادا إلى لبنان لاحقا.
نحن إذن بإزاء تطور كبير لن يطول إنتظاره , ولا مجال للتوقعات والتكهنات بمخرجاته , وهو تطور أقل ما يمكن وصفه به , هو أنه خطير سيعيد خلط الاوراق وترتيب المنطقة كلها من جديد , ولذلك بالضرورة , ثمنه وإستحقاقاته وإفرازاته , فأين نحن من زلزال مرعب كهذا الزلزال المرتقب .والله من وراء القصد.