الخطاب الملكي في «حوارات المتوسط»
د. هايل ودعان الدعجة
13-12-2015 12:49 PM
تستمر الجهود الملكية في توظيف المناسبات والمنابر العالمية في مخاطبة المجتمع الدولي ، حول ضرورة تحمل مسؤولياته إزاء المخاطر والتحديات التي فرضت نفسها على المشهدين الإقليمي والدولي ، وهي الجهود التي تنطوي على رسائل وتحذيرات طالما نبه اليها جلالة الملك عبد الله الثاني في اكثر من مناسبة، مطالبا بتحرك دولي للتعاطي المسؤول معها قبل ان يستفحل خطرها ويهدد الجميع. ولعل من ابرز ذلك الإرهاب الذي اخذ يتمدد ويتوسع متجاوزا حدود المنطقة وجغرافيتها ، ليضرب في الاتجاهات كافة وعلى مختلف الجبهات العالمية بصورة لافتة وخطرة. وبدا ان ما كان يؤشر اليه جلالة الملك ويحذر منه ، قد تحول الى حقيقة واقعة على الأرض ، في إشارة الى عمق ودقة قراءة جلالته ورؤيته الثاقبة لمسار الاحداث والملفات التي تعصف بالمنطقة والعالم. الامر الذي تجلى في الكلمة التي القاها جلالته في مؤتمر حوارات البحر الابيض المتوسط الذي عقد في روما الأسبوع الماضي ، عندما لفت جلالته الأنظار الى ان الإرهاب لا يستثني أحدا، ولا يحترم حدودا جغرافية او أخلاقية ، وعلينا محاربته والانتصار عليه كمجتمع عالمي واحد ، في تأكيد على اننا نشهد حربا عالمية ثالثة وان كانت بادوات ووسائل مختلفة ، تستهدف قيم العيش المشترك والتسامح والحوار والاحترام المتبادل والتعاون ، ما يتطلب عملا دوليا جماعيا وعلى جميع الجبهات ، لأن طريق محاربة الإرهاب وان كانت طويلة ، الا انه بالامكان تجاوزها واختصارها بالعمل الجماعي والتنسيق بين جميع الدول.
ما حدا بجلالة الملك اكثر من مرة الى المطالبة بضرورة وضع خطة استراتيجية عالمية ، تشمل سياسات وإجراءات عسكرية ودبلوماسية واقتصادية وخططا لتعزيز التنمية البشرية. مع التأكيد على مساعدة الدول التي تتحمل عبء استضافة اللاجئين السوريين نيابة عن المجتمع الدولي كالاردن الذي يستضيف مليونا و400 الف لاجئ سوري في ظل اوضاعه الاقتصادية والمالية الصعبة جدا من خلال الدعم الاقتصادي والمالي ، وتقديم التمويل والمنح الميسرة وتوسيع البنى التحتية والقطاعات الخدمية والتنموية ، وطرح المبادرات التنموية الشاملة وتوفير فرص العمل لتمكين الشباب وتحصينهم من التطرف والفكر الظلامي كونهم الفئة التي تستهدفها التنظيمات الإرهابية التي تسعى الى تجنيدهم والتغرير بهم ، وذلك من اجل معالجة هذه التحديات معالجة جوهرية عبر شراكة عالمية شاملة بعيدا عن الفزعات والمساعدات الطارئة.
وانطلاقا من مضامين الرسالة الأخلاقية والإنسانية والدينية والتاريخية التي يحملها الأردن ، فقد اخذ على عاتقه مخاطبة المجتمع الدولي ودعوته الى مراعاة مبادئ الاحترام المتبادل والشراكة والروابط التي تجمع بين دوله وشعوبه ، حرصا منه على تعزيز قيم التسامح والتآخي والعيش المشترك والتنوع والتعدد ، ورفضه لاستهداف أي مكون اجتماعي على أساس ديني او عرقي او طائفي ، تماشيا مع جهوده في قيادة مسيرة الحوار العالمي للاديان ، وطرحه مبادرات ذات طابع ديني واخلاقي وانساني ، كرسالة عمان وكلمة سواء دفاعا عن ديننا الاسلامي الحنيف وإبراز صورته الحقيقية ، كما اهتم جلالته أيضا بالدفاع عن الجاليات الاسلامية في المجتمعات الغربية وحمايتها ، مطالبا بضرورة ادماجها والتعاطي معها كمكون من المكونات الاجتماعية في هذه المجتمعات ، بعيدا عن خطاب الكراهية والعنصرية والاضطهاد او النظر اليها كجاليات منبوذة في إشارة الى ما يشكله الاحترام المتبادل من أساس للشراكة بين الأطراف الدولية ، والتي تقوم على التعاون وتقديم المساعدة ، تعبيرا عن القوة الأخلاقية التي تضمن المستقبل المستدام لجميع هذه الأطراف ، فقد اكد جلالة الملك على ان المسلمين في أوروبا جزء من تاريخ ونسيج المجتمعات الأوروبية ، كما المسيحيين العرب جزء من مجتمعات الشرق الأوسط.
"الراي"