"السيرلانكية": مدرسة اذا أعددتها .. !
رداد القلاب
13-12-2015 11:58 AM
سأكتب عن قريتي ونسائها مع سبق الاصرار والترصد، وبعد تفكير سطحي، ساكتب عن "ام حلمى"، المرأة التي كان يهابها رجال، مهابة مشيتها التي يتطاير من حولها وخلفها الغبار، زيها "المدرقه" او الفستان" او "الماكسي" لا فرق ايا كانت التسمية، الشمس تدخلت بلون بشرتها، وتجاعيدها شواهد على الزمان، فهي زوجة ..وراعية الغنم وتحصد القمح وتطبخ من لحم البيادر وتأكل من عشب الحقل وتشب نخب "الحلال" وتفترش اعواد "الهنيدا"، واللوز البري وتلتحف بيت الشعر والخيم ..!!
القرية ؛ تسمية حديثة لـ"الجرية" وعليه كان رجال عندما يذهبون الى البقعة يقولون : "رايحين على البجعة" لا للذهاب للاستمتاع برائعة الموسيقي الروسي تشايكوفسكي، بل لإحضار دواء جماعي، تستفيد منه الحيوانات والبشر، وهو حَبّات صغيرة لتخفيف "الصداع" و "مغص المعدة"، و"آلام المخاض" واشياء اخرى، ما يعني ان الغذاء والدواء مشابهة لنفس الفترة لا يخضع للرقابة.
لم تلبس ؛ "الميني جب" ولا "البرمودا" ولم يكن لديها مشكلة مع من لبس؟!، ولم تعرف سرطان الثدي،ولم تلتزم بـ "اللولب" او حبوب منع الحمل وولدت العديد من الصبايا والاولاد، ثمة وعي فطري لديها بان الله رازقهم وان الوطن وفلسطين بحاجة رجال، هكذا كانت تقص الحكايات على الاجيال اثناء اجتماعهم حول "صوبة البواري والكاز وموقد الحطب" عن النار والثورة ..!! لم يكن في القرية"مخبر" ولا "صيدلية" ولا حتى مول صغير ولا يتوفر الكثير من الترف : لكن ثمّة حب وأمانة في الحقول ..واقتصرت امراضنا انذاك على: "مغص", رضوض, لدغة من أفعى أو عقرب...وأوجاع الولادة التي تتعرض لها الحوامل . تغيرت القرية؛ وهكذا صارت، الحي .."شامي" و"لبناني"، و استقدم الازواج سلاح "البامبرز"، وتباهوا بانواعه، وانتظر الاهالي الباص لشراء رغيف الخبر وفي حال تعطل الباص، سينامون في الحي جوعى ، وزادت امراض "الخيانات" والهروب وسجلت حالات صادمة من اعتداء الاب على ابنته والاخ على شقيقته والعياذ بالله ..!! وقرأ الطفل الانشودة بشكل معاكس وقال: "السريلانكية" مع الاعتذار الشديد للام السيرلانيكة ،مدرسة اذا اعتددتها ، اعددت شعبا طيب الاعراق ..!!، وبكى على فراقها في المطار وشتم "القرية" واغلق الكتاب ؟! اضعنا "الرغيف" ورفيقه "الصاج " مع اولى اللحظات لاكتشاف "الهامبرغر" ولاحقا "البيتزا" و"الايمه عربي" والسناك و الوجبات الجاهزة المطلوبة من الرجل حين عودته من العمل، والسير نحو ندوات منع الحمل ومشاركة المرأة في الانتخابات والحياة السياسية، واستهوت السير على السجاد الاحمر.. امي تنظر الى ذلك باشمئزاز !! بسبب ضياع الحقل والبيدر والحب.
اخشى ، اننا اضعنا امي ...!!
الانباط