ثوب السفيرة وأزمة الفكرة والدلالة
عمر كلاب
13-12-2015 02:44 AM
لا تحتاج حراكات السفيرة الامريكية الى كثير عناء لمهاجمتها اما بحكم طبيعتها الشخصية الاشكالية او بحكم المخزون السلبي عن مواقف بلادها حيال القضايا القومية وتحديدا قضية فلسطين فدولتها الراعية الاكبر للكيان الصهيوني والفيتو الامريكي جاهز غبّ الطلب الصهيوني، ويدرك كل من يوجه دعوة لها انه سيقع تحت القصف الشعبي والنخبوي مع اختلاف كثافة القصف تِبعا لموقع الداعي ومكانته وكل تلك الخلفيات يعرفها جيدا النائب الحالي والوزير السابق حازم قشوع الذي حظي بهجوم استثنائي لسببين اولهما الحفاوة الزائدة التي حظيت بها السفيرة كما اوضحت الصور المنشورة والتي تضمنت مشاهد غير مألوفة للمجتمع الاردني المحافظ ، وثانيهما استخدام الزي الوطني بطريقة فيها مغالاة لا تستحقها الحالة فهي مجرد دعوة لسفيرة وإن كانت الدلالة العميقة لإلباسها الثوب الوطني ايجابية لو كانت الظروف الراهنة اقل تشددا وحساسية حيال الادارة الامريكية وسلوكها العدائي نحو الشعوب العربية وقضاياها الرئيسة.
الدعوات السابقة للسفيرة لم تحظَ بكثافة الهجوم لانها كانت بعيدة عن التغطية الاعلامية وليس لاي سبب آخر تسعى بعض النفوس المريضة الى ترويجه، وما تسرب منها وعنها كان قليلا ونذكر كيف حظيت عباءة الرئيس السوري من وفد اردني بكثافة القصف من جمهور التواصل الاجتماعي الذي بات حاضرا في المشهد ومالكا لحائط يتحكم به كيفما شاء وعلى الشخصية العامة ان تتحمل وزر قرارها فكيف اذا سمحت تلك الشخصية بالكاميرات والصحافة الدخول والتصوير فيصبخ تاليا حقها في التركيز والنشر على ما يخدم رؤيتها ولاحظنا الفرق في التغطية الصحفية بين صحيفة عريقة بحجم الدستور وباقي وسائل الاعلام ، اما وسائل التواصل الاجتماعي وافرادها فلهم حسابات مختلفة يدخل فيها الشخصي على النكائي على الحقيقي ، فلا احد يستطيع وقف سرعة تداول المعلومة وانسيابيتها على تلك المواقع التي بات سكانها بحجم سكان الكرة الارضية ، لكن الادانة حاضرة لكثير من المواقع والحوائط التي خرجت عن النقد السياسي للخطوة ودخلت في خانة الاساءة لمنزل النائب واهل بيته فهذا سلوك مشين ومدان.
النائب حازم قشوع اخطأ بالمبالغة في الحفاوة بالسفيرة التي تحظى باعلى نسبة مناكفة مع الشعب والحكومة على حد سواء فسبق لوزير الخارجية وصفها بالمندوب السامي وحظيت حركتها واسئلتها في احدى الدعوات بوابل من الانتقادات وخاصة تلك الدعوة التي تمت في منزل احد وجهاء قبيلة بني حسن ، مما يستدعي اعادة ضبط حراك السفراء بشكل عام ومنهجة دعواتهم لتصبح تلك الدعوات على شكل رسائل سياسية من المجتمع الاردني الى دولة السفير والرسالة الاولى التي يجب توجيهها الى سفيرة البيت الابيض رسالة قاسية بحجم قساوة القرارات الامريكية على القضايا العربية والاردنية على وجه الخصوص فنحن ندرك حجم الدعم الامريكي للاردن وضرورته ولكننا ندرك اكثر ضعفه قياسا بالدور الاردني في المنطقة وندرك اكثر صغره مقابل الدعم الذي تتلقاه دولة المسخ الصهيوني ، اضافة الى تراخي الادارة الامريكية في دعم الاقتصاد الاردني اقليميا فهي صاحبة اليد الطولى في القرار النفطي وتستطيع بجرة قلم فتح كل الابواب المغلقة وهذا ليس منّة او كرم اخلاق بل واجب حيال دولة نجحت في ان تكون نموذجا في الاعتدال ودولة بلاها الله بأنها المتلقية لكل صدمات افعال الادارة الامريكية القبيحة من حرب الخليج الاولى الى تهشيم الدولة العراقية والعبث بالملف السوري وتسليح المعارضين وتسهيل دخول الارهاب الداعشي الى المنطقة.
قشوع التي حملت قائمته الانتخابية اسم المواطنة يدرك معنى ودلالة استقبال السفيرة الامريكية واي سفير غربي ترتبط بلاده بعلاقة حميمة مع الكيان الصهيوني واثرها السلبي على جموع الاردنيين رغم ضرورة مثل هذه اللقاءات معهم ولكن على ارضية ايصال الرسئل السياسية والاجتماعية وليس على ارضية الحفاوة والمبالغة حد ان نائبا لا يصافح سيدات وطنه يخشى على نفسه من عدم مصافحة السفيرة وكذلك ابتسامات النواب الحاضرين بوجهها والتقاط الصور معها كنجمة في سماء العالم الفني والسياسي مع فهم ان هذه الابتسامات والصور هي جواز عبور المواقع الرسمية وهنا الخطورة في الدلالة وهذا ما استوجب الغضب الشعبي دون السماح بتبرير الاساءة للبيت واهله وخاصة صاحبة المنزل المحترمة.
الدستور