جون ماكين .. عندما يكون الأردن مستهدفا
غازي ابو جنيب الفايز
16-06-2008 03:00 AM
لا يمكن بحال من الأحوال النظر إلى سياسات الإدارات الأميركية، جمهورية أم ديموقراطية، بمعزل عن المصالح الإسرائيلية التي يبدو أنها لا تخضع للمساومة لدى صناع القرار الأميركي، لكن لكل من الجمهوريين والديمقراطيين، أسلوبه الخاص في حماية هذه المصالح تصل في أقصاها السماح للاحتلال بممارسة كل أشكال القهر العسكري والاقتصادي والاجتماعي بأبشع صوره.
وبالتراكم التاريخي للمسار السياسي الأميركي في المنطقة يشي بأن المصالح الإسرائيلية تتقدم، بلا منازع، على مصالح أي دولة عربية مهما كانت درجة تحالفها من الإدارة الأميركية، أي إدارة كانت، ولنا في رمي بوش إقامة الدولة الفلسطينية خلف ظهره أكبر دليل.
والمعنى ان أميركا مستعدة لتلقي تحالفاتها والحلفاء العرب خلف الظهر ويمكن رميهم خلف التاريخ أو إخراجهم من سياقه، طالما ان مصلحتها وربيبتها إسرائيل تقتضي فك هذا التحالف، وهي تحالفات، بالضرورة، تخلو من أي التزام أخلاقي فكيف بالسياسي؟
والحال هذه، فلا يمكن إخراج تصريحات أعوان جون ماكين مرشح الرئاسة الأميركية عن الحزب الجمهوري حول إقامة دولة فلسطينية في الأردن بوصفه الحل النهائي للقضية الفلسطينية عن سياق السياسية الأميركية، لكن ربما تكون المرة الأولى التي يصل فيها الصلف السياسي لهذا الحد.
والأردن لا يجب ان يمر دون اخذ خطوات وقائية لما ردد في محاضرة ترويجية لأفكار ماكين على لسان روبرت كأغان المختص في شؤون الجغرافيا السياسية والسياسات الدولية حل "الوطن البديل" المشروع الذي بقي حاضرا في العقلية الإسرائيلية وكان شارون أكثر من جاهر به.
والكارثة، إذا ما صح ما أعلنه كاغان من أن المرشح الرئاسي عن الجمهوريين قد تبنى بالفعل إستراتيجية الخيار الأردني للتخلص من العبء الذي تشكله قضية النزاع الفلسطيني الإسرائيلي حول الأراضي في الضفة الغربية على السياسة العامة للولايات المتحدة في الشرق الأوسط.
وكأغان يقول ان الأردن هو الوطن الطبيعي لملايين الفلسطينيين من سكانه وكذلك هو الحل الأمثل لقضية اللاجئين الذين ذاب أغلبهم في المجتمعات التي يقيمون فيها ولكن البقية ممن تعيش في المخيمات سيكون عليها الاختيار بين البقاء في أماكنها أو الاستيطان في الأراضي الفلسطينية شرق الأردن .
صحيح، ان الأردن يملك رؤية واضحة إزاء العلاقة مع الجانب الفلسطيني، وهي رؤية تقوم على أساس إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وتاليا يبحث شكل العلاقة في المستقبل، لكن ذلك على ما يبدو بات لا يكفي.
وحتى تلويح الأردن باستخدام كل الوسائل لمنع تهجير الفلسطينيين من أرضهم المغتصبة ومنع السياسة الإسرائيلية بتحويل الأردن إلى وطن بديل مسألة لا تكفي.
بمعنى أن الأردن يحتاج إلى استكشاف المسار السياسي على المحور الأميركي الإسرائيلي لتحديد مداياته، لإعادة رسم سيناريو مواجهة واعتقد أنه سيناريو يجب ان يراع إقامة تحالفات عربية قوية لمواجهة تصفية القضية الفلسطينية لتحقيق هدف حماية الأردن بإقامة الدولة الفلسطينية.
وربما أجدني أكثر وضوحا في القول إن مستقبل الأردن ومستقبل الدولة الفلسطينية المفترضة، يحتاج إلى تحالف من نوع مختلف بين الأردن ومكونات الشعب الفلسطيني يعيد إنتاج العلاقات لتخرج من حالة الالتباس والتوتر لفضاء مقاوم لمشروع التسوية القصرية، فضلا عن حاجتنا إلى بناء سياسي وطني يعي الخطر ويكون معني بمقاومته.
ويجب ان ننتبه إلى أن أفق حل الدولتين بات بحكم المنتهي، ولا يمكن لإسرائيل ان تقبل بحل الدولة الواحدة، كونه يهدد يهودية الدولة، وخيار تصفية حماس بهجوم على غزة مغامرة محسوبة إسرائيليا لذلك يصعب عليها تنفيذها.
كذلك يؤدي بالنهاية إلى إحساس ان ماكين سيكون أكثر مباشرة وصلفا وحسما في توجهاته حيال المنطقة خصوصا القضية الفلسطينية، وحل الوطن البديل الذي يدور في ذهنه هو ذاته خيار من خيارات صانع القرار الإسرائيلي وهي خيارات مكتوبة وموثقة لكن إدارة أمريكا لم تجرؤ على البوح به كجزء من عملها وهاهو ماكين يستعد ليكون أول من يحمله على أكتافه.
أخيرا.. هل نعمل أم نكتفى بالدعاء ان يخفق ماكين في الانتخابات؟