اعيدوا لنا دينار التلفزيون
عمر شاهين
24-03-2007 02:00 AM
لماذا تتطور ضرائب الحكومة، ولا تتطور ضرائب المواطن، فمثلا لا حصراً ، الدينار التي ندفعها للتلفزيون! ما الفائدة منها؟ ومعظمنا لا يشاهد سوى أخبار الثامنة ؟
والآن لدينا قناتين أردنيتين فضائيتين والثالثة على الطريق ،و بأمكاننا أن نعطهم أخبار الثامنة ونرتاح.
فالشعب لا يدرك كيف تضيع أمواله، ولا يعرف قيمة المكافأة التي قد تصل للألف للحلقة الواحدة ،لمقدم البرنامج، وكل هذا من أجل استضافة وزير أو نائب أو حلقة عن الأحزاب.فقد كنا والحمد لله أننا لم نزل ، في القرن الماضي نعتمد على تلفزيونا الأردني للأعلام المرئي وعلى الفيديوهات ، ولم يكن بينهما خلاف فالأفلام الهندية كانت تتشابه مع تلفزيونا الذي "هرانا" ندوات وبرامج زراعية ، ومسلسلات مملة تحمل بداية واحدة ( يابا المصنع انحرق ) أو ( يما عواد قتل فلاح) وعلى هذا المنوال ، ومع ذلك كنا نفرح لأن في بيتنا تلفاز .
الآن في عصر الدش ، علينا أن نظل محصورين في "شور" التلفزيون الذي يظن التطور والإبداع بتقليد قناة الأطفال "سبيس تون " عندما يخرج علينا تلفزيونا بصرعة ( سنعود بعد قليل ) وبعد كمشة دعايات مملة ومكررة يظهر علينا صوت ليخبرنا ( عدنا) ،يا للمساكين يظن أن الناس التي تملك 500 قناة فضائية تنتظر عودته الآمنة من تلك الدعايات.
وفكرة المقال تدور برأسي منذ زمن، ولكنها تفجرت بعد قراءة التقرير الذي شاهدناه في عمون حول مكافأة محمد المناصير على الطريقة الاردنية وهي شهادة تقدير تقدم لكل من ينبه على الفساد مروسة بالاستقالة ، ولم تؤلمني "بل قتلتني" أهات عاطف الفراية وكل مبدعينا الذين "هجوا قبل أن يفقعوا " من البلد وهم يشاهدون إبداعاتهم تصادر ، وتغفل، نعم يا عاطف لن تعمل يوما بالتلفاز ولا بأي مسرح أردني لأنك متهم بالإبداع .
أنا ناقم على التلفاز لأنه أولا ناكر للجميل ومتآمر على الوطن ، الذي لولا دنانير مواطنه لما استمر يوما واحداً، ولوصلته الخصخصة من أعوام ، وهذا ما كان على فيصل الشبول أن يعرفه لو ذكره أحداً أن رزقته منا وليس من الحكومة التي يحاول التقرب لها بأي شكل كان وكيف.
فبرامجه لا تقدم هوية أو خصوصية أردنية ، إنما تقليد، ومحسوبية، على برامج وعشرات من الموظفين غير المؤهلين سوى بمعرفة فلان وعلان.
أتذكر برنامج كان يسمى "ذاكرة الينابيع"تقدمه المذيعة المبدعة إكرام الزعبي وأعده الكاتب المبدع حقاً باسم الطويسي،وقد قدم البرنامج نخبة من مثقفينا وأدباءنا، وغاب بعد دورة واحدة فيما استمر التلفزيون في تعريفنا بأنواع السمك التي تعيش شمال شرق البحر البوليفي، مثقفونا الذين يعانون من تعتيم الملاحق الثقافية ، لم يستحقوا حتى ولوا عاما واحدا ليستمر التلفزيون في تقديمهم والتعريف بهم، وهنا أُذكر بسؤال لإحدى الشابات التي استفسرت مني (لماذا كل العالم يعرف أحلام مستنغانمي ولا يعرفون هاشم غرايبة) فأجبتها أسالي تلفازنا.
وفي الوقت الذي يشتري تلفزيونا المسلسلات المصرية والسورية بعشرات الآلاف ، اندثر جيل الفنانين الأردنيين المبدعين ، الذين كنا نتذكرهم من ربيع شهاب وروحي الصفدي وجميل عواد وأبو عواد، وأنسانا إياهم التلفزيون الأردني، الذي يدعم المسلسلات المصرية من جيوبنا !
أما ما برع فيه التلفزيون برامج المسابقات التي تستخف بأصغر العقول ، بتهريج المذيعة والأسئلة التافهة ،أما البرامج الكوميدية ،فينطبق عليها قول "أضحكوا عليهم وليس لهم" وهي ما وصفها بحق الناقد نزيه أبو نضال أشبه"بسكتشات " أو تهريج ومن أراد المقارنة فليشاهد برنامج مرايا للمبدع ياسر العظمة وبرامجنا وسيدرك الجواب الحقيقي ولهذا الموضوع عودة في مقال آخر.
والكل يدرك أننا نملك مؤلفين وروائيين ومخرجين وممثلين، ومن كتاب عمون لعل تجربة الأستاذ الكبير محمود الزيودي أبن منطقتي الذي افتخر به وبها مع التلفزيون اكبر مثال على تفشي سرطان الواسطة الذي ظهر واضحًا في كل متر من التلفاز كما ظهر بالصورة الطبقية لمبنى التلفاز الذي قدمها د.محمد المناصير .
الأمر لا ينتهي هنا ،فبرنامج الساعة السادسة والنصف الذي بث منه تلفزيون - الحكومة -حلقتين كان أخرها عن قانون المطبوعات والنشر ، ثم فجأة انقلب البرنامج، وانقلب محتواه، وكأنه برنامج ثاني مع المحافظة على الاسم، طبعاً الأمر ليس حزورة ، ولكنه متعلق بتغير اسم المعد،وهذا ليس غريبا فلقد اعتدنا على أفاعيل التلفاز هذه ،عندما يقدم لهم معد مبدع فكرة برنامج متميز وجريء فيبقون على الفكرة والبرنامج، ويوقفون المعد الجريء وهذا ما حصل مع الزميل باسل العكور الذي ابتكر وأعد البرنامج وصودر منه إلى قسم الأخبار .
يجب أن يدرك فيصل الشبول القادم من وكالة بترا أن ما كان يرأسه سابقا يختلف حالياً كليا، فبراعة الصحفيين تغطي على ركاكة الخبر أحياناً ، ولكن المشاهد للتلفاز يعاني من عسر الهضم لما تعرضه برامج تلفازه التي لا يشاهدها سوى القلة .
واليوم بالذات أدركت سبب هجرة المذيعين والفنانين، الذين صاروا نجوما في الخارج، بينما كانوا يعانون الامرين في الكواليس ،وركاكة ما يقدم واضح ، ولعل أطرفها ما وصفه احمد الزعبي في مرات عدة عن مذيعاتهم، اللواتي يرتدين نصف كم ليخبرونا بقدوم منخفض جوي من أصل قطبي.
ما قدمه د. محمد المناصير خطير جدا ، ولو كان التلفزيون الأردني ينكر هذا فليستضيفه سميح المعايطة، ولنشاهد مواجهة بين فيصل الشبول وبين المناصير، هذا لا يعيب فبوش رئيس أعظم دولة في العالم، تواجه إعلاميا مع منافسه جون كيري .
طبعاً استثني نسبيا برنامج كل من الدكتورة نجوى ، وسميح المعايطة وجميل النمري .
مع تحفظي على بعض النقاط في تلك البرامج.وإصراري بإعادة كل دينار دفعتها للتلفاز منذ أو يوم ركبت فيه ستلايت
Omar_shaheen78@yahoo.com