ماجد ذيب غنما لم يكن محامياً قديراً وقاضياً عادلاً وحسب ، فهو إلى جانب ذلك أديب وشاعر. صدرت له عشرة كتب قبل أن يكتب مذكراته في 300 صفحة تحت عنوان لمحة من الذكريات-سيرة ذاتية.
ومع أن الذكريات والسيرة الذاتية وردت في عنوان الكتاب إلا أن المؤلف يؤكد أنه لم يقصد تدوين ذكريات بقدر ما كان يكتب بدافع أدبي. وهو يريدنا أن نقرأ الذكريات على أنها أثر أدبي (يقصد عملاً إبداعياً) من نوع خاص مثل أدب الرحلات ، وليس مجرد ذكريات شخصية.
هذه المذكرات جاءت قطعة أدبية تعطي قارئها متعة كبيرة بأسلوبها السلس ووضوح الصدق والأمانة ودقة الملاحظة ، مع أقل القليل من تمجيد الذات.
سجلت الذكريات انطباعات ولمحات من شريط حياة المؤلف ابتداءً من نشأته في عائلة متميزة في الحصن في عشرينات القرن الماضي ، ومروراً بالدراسة الابتدائية في الحصن والثانوية في إربد ودمشق ، ودراسة القانون في الجامعة السورية ، ولم ينسَ المرور بمحطات خاصة هي الزواج وإنجاب الأولاد والبنات.
يعود الجزء الأكبر من الذكريات لفترة ثلث قرن قضاها ماجد غنما في خدمة القضاء انتهاءً برئيس هيئة في محكمة التمييز والعدل العليا ، وما صادفه في هذه المرحلة من تجارب.
يبرز كاتب الذكريات كمناضل سياسي وعضو فاعل في حركة القوميين العرب ، ويبدي إعجابه الشديد بالحكيم جورج حبش زعيم الحركة ، ويعبـّر عن إيمانه وحبه للوحدة والحرية والثأر ، لكنه انسحب من الحركة عندما اعتنقت الماركسية.
كان المؤلف يعيش في دمشق عندما قامت الجمهورية العربية المتحدة ، وحرص على حضور جميع خطب عبد الناصر الحماسية التي كان يلقيها من شرفة قصر الضيافة ، وشارك الجماهير فرحتها وسعادتها بلقاء الزعيم الخالد ، فهتف مع الهاتفين ، ورقص مع الراقصين ، وكان يحلم بغد عربي رائع مجيد مع الحالمين ، وامتلأت روحه بحب العروبة والوحدة وعبد الناصر ودمشق.
لم يذكر المؤلف تاريخ ميلاده ، ولم يشر إلى عمره ، ويبدو أنه تجاوز التسعين ، أطال الله عمره.
للمؤلف أصدقاء كثر وليس له أعداء ، وقد ذكر بالخير زملاء وأصدقاء عديدين سجل فضلهم ومزاياهم ووقف بشكل خاص عند أديب عباسي ، وروكس العزيزي ، وعيسى الناعوري ، وسليم الصويص ، وآخرين. وكان من الطبيعي أن ينتهي عرض كل أصدقائه وزملائه بعبارة رحمه الله.
الرأي