- قرأت ، في جريدة ( الرأي) الأردنية – في الصفحة التاسعة عَشَرة – الصادرة يوم الخميس – 28/11/1436هج – الموافق – 13/8/2015م – في العدد – 16338- قرأت تقريراً عن كتاب صدر ، حديثاً بدعم من وزارة الثقافة . وعنوان الكتاب هو : ( الأصول الثنائية للأفعال العربية – دراسة في التأصيل والتطور اللغويّ)- لأستاذ النحو المشارك الدكتور خالد المساعفة . وهو يدرّس في جامعة – الحسين ابن طلال في معان . وعنوان التقرير الذي قدّمه الدكتور خالد للجريدة عن كتابه هو : ( أكاديمّي أردنيّ .. يهدم أصلاً في نظرية النحو العربي ) ...
لم يهدِمْ ، ولم يبْنِ :
- أنا أرى أن هذا الباحث الجادّ الدكتور خالد المساعفة .. لم يهدمْ أصلاً في نظرية النحو العربي ، ولمَ يَبْن آخر .. واعتمادي في ذلك على التحليل العقلي لطبيعة اللغة وغايتها- وعلى الدليل اللغوي الصرفي الواقعي , وعلى الصوت اللغويّ الذي يجب أن يدلّ على معنى. وأقول : إن كلّ فكرة .. لا قيمة لها في ذاتها – إذا لم يدعمْها دليل قويّ نابع من طبيعتها، وتحليل عقليّ مقنع يراعي إجراءها –عمليّاً, وإن كل سلوك بشريّ عاقل , سواءٌ.. أكان سلوكاً لُغويّاً- أم كان سلوكاً عمليّاً – يجب أن ينطلق من حاجة , وأن يسعى لتحقيق غاية, وإلاّ كان سلوكاً عبثيّاً لا يليق بالإنسان العاقل الذي يبني حياته على ضوْء منهج واضح, وخُطّة منظّمة.. يُقرّها العقل المستهدي بالطبيعة البشريّة , وبحقائق الأديان . بعد تقريرهذا المبدأ ..أبدأ بعرض أدلتي الثمانية الآتية :
1- أوّل دليل : أن اللغة – كلَّ لغة – لا يُعقل أن تكون أصولها ليست بذاتِ معانٍ ، لأن اللغة أوجدَها البشر لتعّبر عن المعاني . ولذلك يقول الإمام عبد القاهر الجرجاني " الألفاظ .. خَدَمُ للمعاني" – بمعنى أنه لا يوجد لفظ إلا إذا كان يدلّ على معنىً ، وإلا .. كان الأمر – عبثّياً, لأن الإنسان العاقل ( غير المجنون) – لا يتكلم إلا إذا كان لديه موضوع يتكلم عنه ، والموضوع .. لا بُدّ .. أن يتضمّن معانيَ وأغراضاً وغاياتٍ ، وأفكاراً . وبناءاً على هذا – فلا يمكن أن يتولّد لفظ ، من دون أن يسبقه معنى ، يعبرّ عنه هذا اللفظ . وجمهرة الألفاظ التي تعبر عن معانٍ في العربية الفصحى– حَدّها الأدنى .. ثلاثة حروف – إلا الاستثناءفهو من حرفيْن .
2- وحتى ، عندما نطق العرب بكلمات دالةٍ على معانٍ من حرفين .. كان ذلك استثناءاً أو نادراً ، لا يمثّل ظاهرة كبرى تقاس عليها جمهرة ألفاظ اللغة . فهذه .. ألفاظ قليلة ، وتعبّر عن معانٍ بدائية شعورية ( لا عقلية ) ولا حضارية – مثل : آه أو آهٍ ، أخْ ، وَيْ ، صَهْ ، أفْ – ( وقد تُحول – أُفْ – إلى ثلاثية ، بتشديد – الفاء )– إي ، هَهْ ... وهذا اللون.. نادر. ومع ذلك ..فلهُ معنىً. إذنْ – الشرط الأساسي أنْ لا كلمة إلا إذا كان لها معنى .
3- وقال التقرير : ( ... وظهر من مجمل آراء الباحث الدقيقة .. أنه هَدَمَ أصلاً مَكيناً من أصول نظرية الصرف العربي . وهو الأصل الثلاثي للأبنية, وقدّم بديلهُ الثنائي على أنه أصل الاشتقاق . احتكاماً للأنواع الثنائية المستعملة في اللغة العربية – كالحكايات ، وأسماء الأصوات .. المستعملة في التصويت للحيوانات ، وحروف المعاني . وبعض المقارنات الثنائية ، في اللغات – السامية ) .
أ- أقول : الحكايات هو ما سماهُ النحاةُ – أسماء الأصوات ، غالباً – ومثلها – أسماء الأفعال – كما سماها النحاة وقد أوردتها في الرقم السابق-(2)- وبالمناسبة أقول:هاتان تسميتان خاطئتان ، لأن النحاة قسموا الكلمة إلى ثلاثة أقسام – منها : الاسم ، ويقابله – الفعل .. فكيف يتأتّى أن يختلط الاصطلاح ، فيكون عندنا – اسمُ فعلٍ-فلا هو اسم خالص ، ولا فعل خالص ؟ أمّا تسمية حكاية الصوت – باسم صوت .. فهذا – خاطئ أيضاً . لأن حكاية الصوت .. ليست – اسماً – وإنما هي – حقّاً – حكاية صوت . وقد اضطرّوا أن يغالطوا أنفسهم بهاتين التسميتين ، لأن النحو .. بدأ في البصرة ، والبصرة على البحر ، فكانت تأتيها كتبُ اليونان ، ومنها كتاب عن – النحو- لأرسطو.وقد نقل معانيَهُ السّريان إلى النحاةُ , وهم من الفرس ومن العرب –
ب- وكان – أرسطو- قال فيه بأن الكلمة – ثلاثة أقسام : اسم ، وفعْل ، وحرف – وبما أن التقليد فاشٍ فينا ، منذ القديم – فقد رأى النحاة ألا يخرجوا على تقسيم أرسطو – هذا .. فصارت الكلمة ، عند نحاة العربية ثلاثة أقسام – كما هي عند أرسطو : اسم ، وفعل ، وحرف – فلما وجدوا أن بعض ظواهر العربية – ليست اسماً ، ولا فعلاً ولا يتسق مع هذا التقسيم الثلاثي ..احتالوا لها لئلا يخرجوا على ما قاله أرسطو ، فسمَّوْا " حكاية صوت " مثل " طاقْ " لصوت الحجر ، عندما يقع علىصخر , و سمّوْا " اسم َفعلٍ " مثل : صَهْ – واسمها الصحيح: شبْهُ فعل ٍ" لأنه يُفسر ، في الحقيقة ، بفعل – فإن – صَهْ – تفسيرها . انْصتْ . وأنصتْ ..فعلٌ ، و- صَهْ – ليست بفعل ، وإنما هي شِبْه ُفعلٍ . كلُّ هذا .. مُفصّل في كتابي : ( رُؤَىً – نحْويّة وصرفيّة – تجديدية ) مؤلف من أربعة أجزاء – عمان / دار البداية – 2011- غيّرتُ – فيه ثُلث النحو العربي ، نحو الأسهل والأوضح مفاهيم ...) .
ت- أمّا – حروف المعاني التي ذكرها التقرير .. فليست كلمات ذات معنى خاص عندما تستقل بذاتها ، وإنما يأتيها معناها من الكلام الذي تتصل به . مثلاً : " هل " أداة استفهام ، لكنها لا تدل على معنى مُحدّ د ، بذاتها . ومثلهُا غيرها من حروف المعاني .
ث- أمّا المقارنة مع اللغات – السامية – فهذه مقارنة .. باطلة . إذْ – ليس من لغات سامية !! أجلْ..ليس من لغات سامية, وإنما هي خرافة تكلم بها اليهود ، لأنه ورد في – التوراة – أن أبناء نوح ثلاثة ، هم : سام – وحام – ويافث . ولم يرد ذلك في غير التوراة – غير الموثقة ، لأن معظمها كتب ، بعد وفاة سيّدنا موسى – عليه السلام – بستّ مئة سنة . وكلّ خبر .. لا يُكتب في حينه ، قد يدخله التحريف . فكيف إذا كانت المدة الفاصلة بين الخبر وكتابته ستمئة سنة ؟؟
ج- يضاف إلى هذا ..أن تدليل اللغويّين بأن تشابهَ الأصوات الثنائية والثلاثية وغيرها – بين العربية الفصحى ، واللغات القديمة لبلاد الشام والعراق .. تدلّ على أن هذه اللغات من أصل واحد , هو الأصل الساميّ .. وهذا غير صحيح , على الإطلاق .. لأن مثلها أصوات متشابهة بين الفصحى ، وبين لغات العالم جميعها . بل بين لغات الجزبرة العربية والعراق وبلاد الشام , وبين لغات العالم جميعها: القديمة والحديثة,لأن أصوات حروف الهجاء هي ، تقريباً نفس الأصوات في كل اللغات ، مع بعض الاختلاف ، في بعضها . ومثل ذلك أصوات الكلمات – فثّمة تقارب بين أصوات بعض الكلمات ، ومعانيها وبين أصوات كلمات ومعانيها ، في كل لغات الأرض . بنسبة – عَشَرة بالمئة تقريباً (10%)- وبين أصوات الكلمات ، في كل اللغات ,مع اختلاف المعنى – بنسبة – ثلاثين بالمئة ، تقريباً (30%) – من هذا يتبيّن أن التقارب بين اللغة الفصحى وغيرها من لغات المناطق العربية القديمة – مثلُها تقارب بين اللغات الأخرى كلها . فالنتيجة- هو أن الذي يربط لغة بلغة ، على أن بينهما أصلاً مشتركاً – ليس هو مادة الصرف – وإنما هو قواعد النحو – والفصحى ، بنحوها ( وهي التي تهمّنا هنا ) فلا تشابِهَ– بين نحوها .. والنْحو-قديماً- في أيَّ لغة في بلاد الشام أو العراق ، أو بلاد اليمن قديماً – بل أو بلاد العالم كله . لأن الفصحى – لغة إلهامية وليست لغةً وَضْعية . وأن العربية –إلهامية- ذلك يحتاج إلى كلام طويل.. كلَّ ذلك .. مفصل في كتابي " العربية الفصحى – مرونتها وعقلانيتها ، وأسباب خلودها – القاهرة / دار المعارف – 2015م .
4- بعد هذا كُلَّه فلا يصحّ أن نعُدَّ الأمثلة التي جاء بها المؤلف الدكتور خالد – أصولاً – ثنائيةً للغة العربية ، لأن حرفي ( قَضْ) – اللذين اعتبرهما أصلاً,ليسا بأصل, لأن الأصل –كما أسلفنا- ]جب أن يدلّ على معنى. ثم..جاء بثلاث كلمات ، في التقرير ، تمثيلاً عليهما – هُنّ : قَضَمَ ، قَرَضَ ، نَقَضَ . معتبراً أن – الميم ، في آخر الأولى ، والراء ، في وسط الثانية ، والنون ، في أوّل الثالثة حروفاً مضافة إلى هذاالأصل . وهذا .. غير دقيق بل غير صحيح .. لأن ما اعتبره أصلاً ، وهو " قَضْ " وهما حرفان : ( قاف- ضاد)
ليسا كلمة لها معنى . وكما أسلفنا : فإن البشر لا يأتون بكلمات ليست ذات معنى ، وإلا كان ذلك عبثاً .. وجنوناً .وحرفا " قَضْ" – بفتح القاف ، وتسكين الضاد ,أو تحريكها لا يكونان كلمة ذات معنى و لا يعودان كلمة ذات معنى إلا – إذا ضمّ إليهما حرْف ثالث هو : ضادٌ أخرى ، فتصبح الكلمة " قَضَّ " – بفتح القاف ، وتشديد الضاد . والحرف – إذا شدّدَ – كان ، في حقيقته حرفين : الأول .. ساكن ، والثاني .. متحرك ، فكلمة ( قَضّ ) هي ، عند الفكّ ، " قَضْضَ " وقد هُديَ العربُ ، في رسم الكلمات ، إلي شيء عظيم ، وهو أنهم استبدلوا بالحرف الذي يتكرر ، متوالياً ، بصورة واحدة- له ، فوقَها علامة التشديد . ولا شكّ أن هذا أدقُّ- جمالياً من توالي الحرفين ,كررين .
5- وإذن .. إذا رأى الأستاذ الباحث أن " قَضْ " هي فقط قاقف, مفتوحة ، وضاد ..فهاذان حرفان ليس لهما معنىً ، فليسا هما كلمة ، لأن شرط الكلمة الذي لا فكاك منه أن يكون لها معنى – كما بينا- وإذن .. لم يصبح حرفا " قَضْ" ذَوَىْ معنى – إلا .. إذا أضيف لهما حرفٌ ثالث ، وهو احد الحروف الثلاثة السابقة : الميم – والراء – والنون ، أو غيرها ، أو – إذا شُدّدَ الضادُ في " قَضْ" فأصبحا حرفيْن" قَضّ " بتشديد الدال – فأصبحت الكلمة ثلاثة حروف ( لا حرفين ) – وعندئذٍ .. فقط يصبح لها معنىً , وتصبح .. أصلاً.
6- وقول التقرير: (وكان الكشف الحقيقي في هذه الدراسة " الرائدة " اهتداء الباحث إلى ضوابط مختلفة في تطور الأصل الثنائي ، وأبرزها أن الحرف – الصامت – المزيد لبناء الفعل الثلاثي يجب أن يكون أخف من صامتيَ الأصل الثنائي ، مع تأكيد ضرورة المحافظة على ترتيب هاذين الصامتين ، دون اللجوء إلى ما يسمى بالتقليب الصوتي . ومن ثَمّ .. صار من السهل جدّاً القول بأن أصل الفعل الثلاثي –نقص- إذا هدم الشيءَ – هو " قصَ" بزيادة النون الخفيفة ... وهذه الزيادة تقوم على أخفّ الصوامت اللغوية ، وأوضحها في السمع ، وهي : ( ل،م،ن،ر،و،ي،ف) ,بغض النظر عن علاقتها بصوامت الفعل الثلاثي ، فأمكن الفعل من قبيل " قرضم" أن يعود إلى ثلاثية "قرض"
- أقول :والحق أن هذا .. ليس كشفاً جديداً ، لأن قوانين تناسق صوت الكلمة ، وأصوات الكلمات في التعبير ، هي : أربعة أُرتبُها حَسَبَ أهميتها : وضوح معنى الكلمة – الخفّة في بناء الكلمة – التناسب بين الكلمة وكلمات السياق ، وأخيراً : المشاكلة . على هذا .. فالخفة .. هي في المرتبة الثانية من الأهمية . والخفّةُ – بداهةً – تقتضي أن يكون بعض حروف الكلمة الثلاثية – ثم الرباعية والخماسية – بعضُها أخفّ من بعض ، لكي تتحقق " الغاية من هذه اللغة الشريفة – الإلهامية – (إلْهاميّة--كما فصلت ذلك في كتابي " العربية الفصحى – مُرونتها ، وعقلانيتها – وأسباب خلودها " – القاهرة / دار المعارف – 2015م) . وقد عدّ القدامى حروف الزيادة – عشَرَة – جمعوها بعبارة " سألتمونيها " فلا بدّ من أن يدخل أحد هذه الحروف ، في نسيج الكلمات ، لكي يظلّ نظُقها .. خفيفاً .. فأين – الكشف – الجديد
- أمّا شرط الباحث – عَدمُ اللجوء للتقليب الصوتي .. فهذا .. يصحّ في بعض للكلمات , أو في بعض تقاليبها– مثل : قبض – فلا يأتي منها بقض – ولا ضَيَقَ ، ولا ضَقَبَ – ولكن .. يأتي منها : قَضَبَ – بمعنى : قطع . ولكنّ كلمة مثل :- جَدَبَ – يأتي منها – دَبَحَ – بجَدَ – جَبَدَ . وأنه لمعروف ، منذ القديم ، أنّ في تقليب بعض الكلمات ما هو – مستعمل وما هو مهمل – ولعلّ أوّل من أشار إلى ذلك , بوضوح هو : الخليل ابن أحمد الفراهيدي – ت-170هج- في – معجمه= ( العين) – فأحصى كلمات اللغة المستعملة ، ثنائياً وثلاثياً ، ورباعيّاً ، وخماسيّاً, وأحصى هذا العبقريّ كلماتها المهملة التي لم يستعملها العرب لمعانٍ – لصعوبة نطقها ، غالباً ، ولأنها تخلو من الحروف الأخف ، و الحروف الأخفّ هي :( سألتمونيها ) التي ذكرناها – آنفاً .
- بل .. إن بعض الحروف ، في العربية ، لا تتوالى – لصعوبة نطقها – معاً – مثلاً : لا تتوالى – الجيم ، والكاف – ولا – العين مع الغين ...
- وفوق هذا .. فالباحث يشترط عدم اللجوء إلى – التقليب الصوتي -!!- وهذا .. سَدّ لباب من أبواب نموّ اللغة العربية ، وهو- الاشتقاق بالتقليب . وهو – وإن لم يكثر – ككثرة الاشتقاق من الفعل الثلاثي – حَسَبَ ترتيب حروفه ( الذي أعدّه : الاشتقاق الأكبر, خلافاً لما رآه ببعض اللغويين).. غير أن هذا الاشتقاق بالتقليب هو باب من أبواب الاشتقاق.. فاشتراط إغلاقه .. ضرْب من المستحيل ، ويجافي الغاية من اللغة – المحدودة – المطلوبِ منها أن تعبر عن المعاني غير المحدودة – فَبَدَلَ أن نبحث عن باب للاشتقاق آخر ( لو أمكن ) لنزيد في إمكانية تعبيرها عن المعاني –أنشترط إلغاء باب من أبواب الاشتقاق؟! – هذا .. قول .. لا يقال !!
- وهذا الذي وضّحناه .. يجيب على ما ورد في الفقرة الثانية – التي أوردناها ، آنفاً .. وتبدأ بقول التقرير :( ووجد المساعفة في هذه الدراسة أن ضوابط الزيادة لبناء الأفعال الرباعية من الثلاثية ...) .
7- إذن .. اللغة ليست ذات أصول عبثية وهمية لا معنى لها: ثنائية , دائماً.. فما جاء ثنائياً ، كالذي أوردناه ، لا يصحّ قاعدةً لكامل اللغة ، ولا أصلاً يقاس عليه .. لقلته – أوّلاً – ولأنه يُعبّر عن المشاعر البدائية ، عند الأنسان
– وثانياً = لأن غيره – من الثنائي – لا يدلّ على معنى ، فلا يقوم عليه أصل – كما بيّنّا ...
- وثالثاً = أمّا اللغة التي تبدأ – حقاً – بالأصل الثلاثي – فهي جمهرة اللغة الفصيحة أو الفصحى، وهي المعبّرة عن عقل الإنسان ، وعن مشاعره ذات المعاني التي ينيرها نور العقل ، والمعبرة – لا عن بدائية العربي – والإنسان ، عامّة – بل المعبّرة عن تَحضُّره ، وما يقوم – في عقله ونفسه – من فكر، وفلسفة ، وسياسية ، وشؤون حياة – اقتصادية واجتماعية ويومية ... إلخ .
- إن تصوُّر أصل ثنائي للغة ، من دون أن يكون له معنى هو – تصوّر واهم بعيد عن العقلانية وعن الغاية من اللغة – الغاية التي هي التفاهم بين بني الإنسان, في الحياة اليومية , والحياة العقلية الراقية.. وإن ادّعاء هدْم الأصول العقلانية – أدناها , على الأغلب, ثلاثة حروف – هذه الالمعبرة عن معانٍ مفهومة ، تقوم عليها الحياة المتحضرة - بأصول ثنائية .. ليس لها معنى – هو وهم – أيضاً – وعبث لا عقلاني . وإلا .. كان لمدّعٍ أن يدعي بأن أصل اللغة هو – حرف – ضُمّ إليه حرف ، ثم ثالث ، ثم رابع ، ثم خامس .. فأضحى هذا – اكتشافاً وهدماً لأصول !!.
- إن الأصل الثُلاثي، على العموم والكثرة ، هو الذي يحمل معنىً ، وهو أكثر الأفعال دَوَراناَ في العربية الفصحى .
8- أمّا أن أمثال الفعل : قرْضَمَ – جدير بأن يعود إلى أصله الثلاثي : " قَرَضَ " .. فهذا – قد تنَبّهَ له – ابن منظور –ت – 711هج – في معجمه – لسان العرب -
( وكذلك غيره من المعاجم , وكتب –فقه اللغة)- فجعل .. مفتاح كل كلمة هو الفعل الثلاثي وفي أثناء عَرْضه .. يأتي بالأفعال الرباعية ، والخماسية – المتولّده منه ، بإضافة حرف للرباعيّ وحرفين للخماسيّ . ذلك .. على طول معجمه هذا العظيم . فكلمة : فَرَطَ – من رُباعيّها :– قَرْطقَ – والقرُطق ، هو قَباءَاً أبيض يلبسه الغلام – وخماسيّها – قرْطَعْنَ = والقرطعْنُ هو : الأحمق .
- أخيراً : الوهمُ والمغالطةُ لحقائق اللغة التي لا تكون لُغةً إلا إذا كانت ذاتَ معنىً– هما اللذان – قادا الباحث لهذا الاستنتاج الذي لا تُقرّهُ الغاية من اللغة – كلّ لغة، ولا منطق العقل الذي يبني قناعاته على تلمّس المقاصد والغايات – وبالله السدادُ التوفيق ُ.
ت- 0785542069
=