ندما جاء الوزير الجديد السيد عمر ملحس إلى وزارة المالية وجد أمامه موازنة جاهزة ، مطبوعة ومنشورة في الصحف ، ومصدق عليها في مجلس الوزراء ، فلم يجد سبباً لإعادة فتحها والسير في الإجراءات من البداية ، فقرر أن ليس في الإمكان أبدع مما كان ، وقبل المشروع على علاته ، وإذا كان قد طرح على مساعديه بعض الأسئلة والاعتراضات ، فالمقصود هو الاستعداد للدفاع عن الموازنة في مجلس النواب وتجاه الرأي العام.
يساعد على ذلك أن الوزير الجديد لم يأتِ حاملاً آراء وسياسات مالية محددة سبق أن أعلنها والتزم بها فصار لزاماً عليه أن ينفذها ، فهو منفتح على جميع الخيارات ، ولن تظهر اتجاهاته المالية إلا بعد وقت.
خطاب الموازنة في مجلس النواب كان محايداً إلى حد بعيد ، فقد استعرض مؤشرات الاقتصاد الأردني وأرقام الموازنة ، وفسـر زيادة الإيرادات ، وبرر زيادة النفقات ، وتجنب الحديث عن المديونية باستثناء تبني النسب المئوية والتقديرات المعدة سابقاً كنسبة المديونية إلى الناتج المحلي الإجمالي ، أي أنه باشر الدفاع عن الموازنة سلفاً وقبل أن يتناولها النواب بالنقد والتجريح.
أشار الخطاب إلى حقيقة مزعجة وهي أن عجز سلطة المياه وشركة الكهرباء الوطنية هو المسؤول عن عجز القطاع العام ، ولولاهما لتحول العجز إلى فائض ، وترك لمن يشاء أن يستنتج ما يشاء من حلول.
لم يقدر الوزير حجم العجز الإضافي لهذه السنة والسنة القادمة في شركة الكهرباء الوطنية ، لأن الرئيس سبق أن أعلن أن الشركة لن تحقق عجزاً في 2016 وبالتالي لا داعي لرفع تعرفة الكهرباء كما كان مقرراً وتوفيراً لمواجهة أخرى مع مجلس النواب ، ولم نعرف كيف سيتم تغطية الخسائر المتراكمة للكهرباء التي تجاوزت خمسة مليارات من الدنانير أو حوالي ربع الدين العام.
أما سلطة المياه فيبلغ عجزها المتراكم حتى نهاية هذه السنة 35ر1 مليار دينار يضاف إليها عجز إضافي سوف يتحقق في 2016 لغاية 300 مليون دينار ، مما يرفع العجز المتراكم إلى 65ر1 مليار دينار.
يذكر أن الخسائر المتراكمة للكهرباء والماء ، التي تناهز سبعة مليارات من الدنانير ، هي الدعم الناشئ عن تسعير الخدمة بأقل من كلفتها خلال السنوات الخمس الماضية ، دون أن يحسب هذا الدعم ضمن النفقات الجارية في الموازنة.
الرأي