700,000 ضيف عراقي وفدوا الى الاردن منذ غزو العراق عام 2003. هذا الرقم الكبير و الذي يمثل 15% من مجموع سكان الاردن يدفع الى التحدث عن امرين. الاول هو ما تكلفه الاردن نتيجة الاستضافة. و الثاني هو الاجراءات التي اتخذها للتحوط من اثار سلبية يمكن ان ينتجها وفود رقم كهذا.
الحديث عن التكلفة يقود بداية الى النظر الى الموضوع من منظار اشمل. فالاردن ليس بالمستضيف الوحيد و لا الاكبر من حيث الرقم المطلق للضيوف. فدول اخرى ساهمت في هذا العمل الانساني من ضمنها دول الخليج و سوريا و امريكا و اوروبا. و لكن اذا ما تم التصنيف بشكل نسبي بين عدد الضيوف نسبة لموارد المستضيف الطبيعية و الاقتصادية فيكاد الاردن يتقدم متجاوزا كل الدول المذكورة بمراحل. فالدول الاخرى ماهي الا باغنى من الاردن على صعيد الاقتصاد و الموارد الطبيعية. و هنا يكون من الناجع التنويه الى حقيقة كون الاردن من افقر 10 دول في العالم من حيث وفرة المياه.
هنا ايضا يجدر التنبيه الى مساهمة الولايات المتحدة في هذا المجال. فهي التي وقفت وراء الحرب و كذلك الاغنى مطلقا بين الدول المستضيفة. الولايات المتحدة الامريكية محور الحديث لم تستقبل الا 466 لاجئا عراقيا منذ بداية الحرب حتى عام 2006. و لكن لحظة!!! فقد اسهبت الحكومة الامريكية في كرمها بان خططت لاستقبال 7000 لاجئ عراقي عام 2007 اي 1% مما يستقبله الاردن!! اضافة الى ذلك فان امريكا خفضت مساعداتها لوكالة اللاجئين الدولية لتصل الي 7.9 مليون دولار لكل الدول المحتضنة للاجئين العراقيين في الشرق الاوسط. و اتساؤل هنا عن وجه مقارنة 7.9 مليون دولار على امريكا بما تكلفه الاردن في استضافة اخوته العراقيين. فالاردن دفع الكثير على صعيد الامن و الاقتصاد و الخدمات الصحية و التعليمية.
فبالاضافة الى موضوع شح الموارد المذكور سابقا فان رؤوس الاموال الضخمة التي دخلت الاردن كنتيجة لاستضافة اخوتنا العراقيين دفعت بالتضخم الى مستويات جنونية واضعة اقسى الضغوط على المستوى المعيشي للاردنيين و العراقيين على حد سواء. كما و ان التكلفة الامنية على الاردن كانت باهضة. ففتح حدودنا و حرية العبور اودت و لو بشكل غير مباشر الى احداث كصواريخ العقبة و تفجيرات الفنادق التي راح ضحيتها الكثير من ابناء الاردنيين و العراقيين.
تكاليف استضافة احبتنا من العراق لم تتوقف هنا. فالنظر الى شوارع العاصمة عمان بات مرهقا من كثرة السيارات التي تضاعفت بعد حرب العراق مسهمة بالازمات المرورية و اختناقات السير. اضافة الى ذلك فحبذا لو تم الالتفات الى احوال مدارسنا الحكومية و هي التي و بمبادرة من القيادة الاردنية تستضيف الطالب العراقي مقابل 60$ سنويا شاملا كتبه و معداته الدراسية. فاكتظاظ المدارس مشكلة تواجه تعليمنا من سنين مضت و هي التي و برغم اثرها السلبي لم تقف امام واجب الاردن الوطني باحتضان ابناء العراق الحبيب في مدارسه و كلياته.
اما بالنسبة للاجراءات التي اتخذتها الحكومة الاردنية للتحوط من اثار الاستضافة فتقسم لجزئين داخلي و خارجي. الخارجي بذلت فيه اقصى الجهود من حيث الحراك الدبلوماسي المكثف الذي سعت سياستنا الخارجية خلاله توضيح الاعباء التي يتحملها الاردن في هذا المجال. كما ان الاردن دعا في اكثر من موقف جميع الاطراف الى تحمل التزاماتها على هذا الصعيد و بالذات المتسببة منها في قيام الحرب. اما حصيلة هذا الحراك فكانت مجموعة من التيرعات و المساعدات كان اخرها قيام حكومة العراق بتخفيض اضافي على سعر النفط المقدم للاردن مشكورة عليه.
اما التحوط الداخلي فوللاسف الشديد قد ترافق مع ضعف تخطيط على الصعيد السياسي و الاقتصادي. فسياسيا كان الرهان خاطئا بالاعتقاد ان الدول الغربية ستقدم الدعم الوافي لتامين استضافة 5 نجوم للاجئين العراقيين في الاردن. هذا و بناءا على ذلك الاعتقاد الخاطئ فقد وقفت الحكومة الاردنية متفرجة على رؤوس الاموال الهائلة التي تدفقت كما و على الفورة التي طرات على بعض الاسواق كسوق المنازل و العقارات. فابت حكومتنا رفع الضرائب على تداولات تلك الاسواق عند فورتها. فلو ان تلك الضرائب فرضت لكان الاردن مول نفسه و لو جزئيا لمواجهة تكاليف الاستضافة خاصة الخدماتية منها. اضف الى ذلك الى ان مثل هذا القرار الذي لم ير النور كان من الممكن له سحب جزء من سيولة السوق مخففا بذلك من الارتفاع المجنون الذي طرا على اسعار المنازل و العقارات.
كل ما ذكر انفا لا يعني ايضا انكار وجود فوائد لوفود العراقيين كتدفق العملة صعبة و خلق فرص العمل. الا انه و كما يبدوا فان التخطيط الداخلي لمواجهة القضية و الظرف الاقتصادي الصعب جعلا من الكفة راجحة لحساب التكاليف!!
الارقام الاحصائية اخذت من:
The Washington Institute For Near east Policy, 2007
Nathan Hodson